بصمات الثورة

Views: 696

خليل الخوري 

سررت بالردود العديدة التي تلقيتها تعقيباً على المقال الأخير في هذه الزاوية الذي طالبت فيه بالاستعانة بشخصيات لبنانية من دنيا الانتشار حققت نجاحات بارزة في عالم المال والأعمال وسائر نواحي الحياة، وبعضها يحسب له الحساب في بلدان مصنّفة عالماً أوّل. فقد  كانت التعليقات إيجابية مئة في المئة، أي من دون أي استثناء. والأجمل أن المشاركين في الرد والتعليق كانوا مزيجاً من مقيمين ومنتشرين. وذهب كثيرون الى حد ترشيح أسماء، من مختلف الأطياف اللبنانية، وبينهم سيدات، ليكونوا أعضاء في الحكومة قيد التأليف. طبعاً اعتذر عن عدم ذكر الأسماء التي أوردوها. فأنا هنا أثير هذا الموضوع – الاقتراح من منطلق مبدئي وليس من منطلق الدعاوة والترويج  لشخصيات بعينها.

إنني إذ اضع هذه الفكرة برسم المعنيين بالشأن الحكومي، وفي طليعتهم بالطبع الرئيس المكلّف الدكتور حسان دياب، أود أن أشير الى أنّ دولاً عديدة استعانت بأبنائها الناجحين في مجالات محدّدة في عالم الانتشار واستدعتهم الى المشاركة في جلّ أزمة ما. وحتى نحن في لبنان استعنا غير مرّة بشخصيات بارزة لتتولى المسؤولية في الداخل، وقد حقق بعضهم نجاحاً وترك بصمات. إلاّ أنّه يُخشى أن يأخذهم الفساد المستشري، حتى اذا صمدوا وجدوا أنفسهم  غارقين في الفشل، إلاّ قلّة نادرة منهم.  ولكن هذه المرّة، وفيما الثورة في ذروة فاعليتها، فإنّ منظومة الفساد قد لا تكون قادرة على أنّ تواصل طريقها بعدما »كربجها« الثوار وقلّموا الكثير من أظفارها، ووضعوا المزيد من العراقيل في طريقها، وإن كان رموزها لا يزالون موجودين، بل إن البعض منهم لبسوا لبوس الثورة ومسوح القديسين.

وفي هذه النقطة بالذات يمكن القول، بكثير من الثقة، إنّ الثورة ستترك بصماتها الكبيرة حتى ولو توقفت عند الحدّ الذي بلغته، وهي لن تتوقف… إذ من غير المعقول أن يعود الوضع في المرحلة الآتية الى ما كان عليه قبل السابع عشر من تشرين. صحيح أن منظومة الفساد ستتمسك بفسادها بالاسنان والنواجز، ولكن أربابها المعروفين  لن يتمكنوا من العودة إلى ما كانوا عليه بعدما باتت الأعين مفتّحة… وخصوصاً بعدما سقط حاجز الخوف وانكسر الكثير من جدران »التابو« السياسي، وبات أهل السياسة »يريدون السترة« وكلٌّ منهم »يتلطى بالحيط«.

وتبقى مفارقة كبيرة وخطرة في آنٍ معاً: هذا الحراك الثوري في الشارع (وهو المنطلق من ضمير الناس) إذا استمر طويلاً ماذا سيكون عليه مصير المدارس والجامعات والشهادات الرسمية والخاصّة؟ وماذا سيكون عليه مصير الاقتصاد المأزوم حتى الانهيار؟ والى أين سيمضي الدولار في مطاردة الليرة المترنحة التي يبدو أنها على وشك السقوط الكبير!

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *