سجلوا عندكم

من ذاك الزمان: قصّة نجاة وقصّة فرج

Views: 377

بيار أديب ضاهر

 

أبي، أعمامي والذئاب…

– سرّبت البقرات والغنمات يا أديب؟

– لاه يا بيّي – هلّق رايح أنا ووديع وجرجي نجيبهن عالسيرة.

– عتّمت الدنيي شهّل!

  وصل الوالد واخواه، وتجمّدوا في مكانهم: الغنم تمعق متجمّعة على بعضها، وحولها حلقة يكوّنها أربعة فدادين بقر، فيما ذئبان يحومان لا يهجمان خوفاً من الثيران التي وضعت حوافرها ثابتة في الأرض، وقرونها نحو الذئبين، وقام أبي وأخواه بالصراخ:

– دخيلكن!

  يسمع أصواتهم قريبهم طنّوس، فيعمد إلى إطلاق طلقين ناريّين في الهواء من بارودة “ابراهيميّة”*، كانا كافييَن ليلوذ الذئبان بالفرار وينجو الجميع!

هيدا الديك يلي كان حابس الشتي!

  كان والدي ضامن الليمون بكفرصيادا من رهبان دير البنات، وعطش الليمون… الأمطار كانت قليلة تلك السنة، ومياه الجرّ مقطوعة… كاد الموسم “ينتر ع أمّه” من العطش – وفشلت كلّ المساعي الحميدة للريّ…

  نهار حارّ  في أيلول،  ووالدي قلقٌ مستغرقٌ في التفكير: رح ينتزع الموسم… ينتر كلّه – والدفع عليّي ع الحالتين… انشالله تشتّي!

 -مرحبا أديب! كيفك؟

–   أهلان شباب!

– شو باك عابق؟

–  موسم الليمون رح يروح… ومَي ت اسقي ما في! لغاته، متغدّايين؟

–  أنا هلّق بعدني جايي من طورزيا إلي من الصبح عم اشتغل… وجرجي مش متغدّي.

– جرجي! وديع! الغدا فرّوج! حطّو إيدكن معنا…

  أثناء الغداء، أمطرت السماء فجأة بغزارة… وفرفح الوالد، وطاب الفرّوج أكتر!

–  أيش يا أديب؟ قولك هيدا الديك يلي كان حابس الشتي؟

– بدّه يكون هيك!

*البارودة “الابراهيمية”، نسبة إلى ابراهيم باشا، ابن محمد علي باشا والي مصر، وقائد جيشه، وقد استخدمت أثناء حملة المصريّين على لبنان وبلاد الشام (١٨٣٠-١٨٤٠).

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *