لو يعود
د. جان توما
تنتظر القنطرة عودة الروح. تمتدّ أغصان النباتات كامتداد أبناء الحيّ القديم في جهات الأرض.
بعضهم يقول كانتشار أبناء الحيّ، والله ما رأيت في الجيل المهاجر الأول انتشارًا، بل قامات ممتدّة. هم مزروعون هنا بين هذه البيوت المتهالكة، يعملون هناك، وأعينهم أبدًا تطوف بصمت حزين في الأزقة المباركة.
كأنّ القنطرة قوس قزح هجرة، وكأنّ أنساغ الأغصان تحمل أسماء الذين حملوا حقائبهم ومرّوا من هنا. والله كيف لملم المهاجرون الأوائل ذكرياتهم، وضبضبوها في حقائبهم؟ كيف قبّلوا هذه الحيطان قبل مغادرتهم؟ كيف كان شكل العينين قبل الاختفاء عند آخر منعطف في الزقاق العتيق؟
هنا كانوا يخبرون الياسمينة حكاياتهم، فتفوح ببساطة وعفوية المصطبات التي كانت ترتاح عند عتبات البيوت والبوابات الخشبية المرتاحة إلى وجوه ساكنيها الأليفة. راحوا حاملين بخور العجائز، وأدعية الجدّات، وليالي الحكايات في شرايين العمر الذي مضى . في سرّهم يقولون: لو يعود.
***
(*) الصورة بعدسة الفنان جاك أرتو-
حيّ من مدينة الميناء.