سجلوا عندكم

الحارات

Views: 906

د. جان توما

 

غادرَ الاولادُ الحارات. تركوا ألعابَهم التي كانت قارورة أحلامهم. دارَتْ عجلاتُ درّاجاتهم الهوائيّة وأخذها عصفُ الرّيح.

كرجَ دولابُ الفرحِ، وتبعه الأطفال. أخذهم  عازفُ المزمار ، كما تقول الحكاية، إلى مغارة مسحورة، لكنّ الأبوابَ لم تُغْلَقْ، لأنّ الطفولةَ مفتوحةٌ على المساحات والأمداء، ولا تقوى على الأسر. تكسرُ براءةُ الأطفالِ القيودَ بعكس الكبار الذين كبّلتهم مغرياتُ الدنيا وإن دوّى صراخُهم: “أعطني حريتي أطلق يديّ، إنني اعطيت ما استبقيت شيَّ”.

خرجتِ الحاراتُ من الحارات بعد مغادرة أبنائها. كانت تجمعهم، تفرحُ بعجقتهم. منذ غادروا لبست وحدتَها، اعتزلت. دخلتْ عالمَ الصمت. جابتها الوجوهُ الغريبة. لملمَتِ العصافيرُ أوكارَها ومضت. ما عادت حبّاتُ المطرِ تُسَرُّ بالهطول، إذ غادرتْ خدودُ اللاعبين الصغار الأرصفةَ، وما عادَتِ البراعمُ تتفتّح.

أعيدوا الساحاتِ إلى أطفالها. ارفعوا البيارقَ والقناديل. أوقدوا نار َالسهرة فقد عادَ السّهار ْ”ت يحرز المشوارْ”.

***

(*) اللوحة للفنان حبيب ياغي

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *