قصّة لحن ضائع بين عبد الوهاب وفيروز والرحبانيَّين

Views: 214

سليمان بختي

غنت فيروز عملين لمحمد عبد الوهاب عام 1961 بتوزيع جديد من الاخوين  رحباني وأصابا نجاحا  هما “خايف اقول إللى في قلبي”، غناه عبد الوهاب عام 1929 والثاني” يا جارة الوادي”  غناه عبد الوهاب عام 1928.

أعلن في ما بعد أن فيروز  بصدد غناء من استعادات عبد الوهاب “مريت على باب الحبايب” و” جفنه علم الغزل”، ولم يتحقق ذلك. ولكن عبد الوهاب اعطى فيروز  لحن “سكن الليل” وهي قصيدة لجبران  وقدمت في مهرجان الأرز الدولي عام 1967 . وفي السنة عينها قصيدة” مر بي” للشاعر سعيد عقل وقدمت في معرض دمشق الدولي. وهناك اغنية بعنوان “ضي القناديل” من كلمات الأخوين رحباني لحنها عبد الوهاب لفيروز ولكنها اعتذرت عن غنائها فأعطاها عبد الوهاب لعبد الحليم حافظ.

كذلك اعطى عبد الوهاب لحنا جديدا لفيروز هو”سهار بعد سهار”  والكلمات والتوزيع للاخوين رحباني. ومن يسمع  الاغنية يلاحظ انها مقطوفة من مناخات الأخوين رحباني واجوائهم. ويقول الباحث الموسيقي الياس سحاب ان عبد الوهاب أثناء التسجيل وقف خلف فيروز يردد مع الكورس”سهار” والذي كان يضم هدى شقيقة فيروز.

 

  في ما بعد توقف التعاون بين عبد الوهاب وفيروز لفترة  وخصوصا مع قول بعض النقاد  ان فيروز “توهبت” مع “مر بي” وخرجت من الجو الرحباني.

وعندما سئل عبد الوهاب لماذا توقف هذا التعاون؟ أجاب:  فيروز مطربة عزيزة على قلبي واتمنى لو تتكاثر اللقاءات بيننا لكن الاخوين رحباني يتدخلان في ما اقدم وهذا شيء لا اقبله. ان الأخوين رحباني يخشيان على فيروز من خلال تعاونها مع أحد غيرهما ان تخرج عن شخصيتها الغنائية  المعروفة. وبطبيعة الحال ان هذا الخوف يتعب الملحن الاخر ويضايقه “.  (من كتاب فيروز “المطربة والمشوار” لرياض جركس).

ورغم ذلك لم يتوقف التعاون اذ كانت  في ذلك الوقت قصيدتان في عهدة عبد الوهاب الاولى “كلمات” للشاعر نزار قباني ولم يكتمل العمل واهملت القصيدة لتعود وتظهر بصوت ماجدة الرومي وألحان احسان المنذر في العام 1989. اما الثانية فقد نشرت خبرها مجلة الشبكة في عددها الصادر في 24 أيار 1965 وتشير فيه الى ان بين يدي الموسيقار محمد عبد الوهاب ديوان الاخطل الصغير ليختار منه قصيدة تنشدها مطربتنا الكبيرة فيروز وقد تتبلور فكرة اللحن الوهابي المرتقب وتخرج بعده فيروز بقصيدة يضج بها الشرق كما ضج لأغنية “انت عمري” لام كلثوم. 

نعرف من الخبر ان القصيدة التي اختارها عبد الوهاب هي “كيف انساك”   للاخطل الصغير ومطلعها يقول:” كيف انساك يا خيالات امسي/ ذكريات الرضى/ واحلام نفسي/ كيف أنسى الايام /صفوا وامسا/ كيف أنسى”.غير أن هذا اللحن لم ير النور.

ونصل إلى عام 1981 وبينما كان منصور  ينقل محتويات مكتب الأخوين رحباني في بدارو_ حرش الكفوري الى منزله في انطلياس خوفا من تعرض المكتب للقصف او السرقة، عثر منصور الرحباني على النوطة الخاصة بلحن القصيدة التي عنوانها ” كيف أنساك”.

 

ويروي منصور الرحباني الوقائع  في مقابلة صحفية مع مجلة الشبكة عدد تشرين الثاني 1981 ان الموسيقار محمد عبد الوهاب قد شرع بالفعل في تلحين القصيدة وفي أثناء غناءئ لها قام عاصي بتدوين النوطة الموسيقية الخاصة بها دون أن يقوم بتدوين كلمات القصيدة. 

وبالفعل تذكر عاصي الكلمات وباتت الاغنية الان مدونة كلمات ولحنا.  وقرر الأخوان اعادة الاغنية الى الحياة ولكن ليس بصوت فيروز بل بصوت ملحم بركات ( كان الانفصال الفني قد وقع بين الأخوين وفيروز)، وارسلا الى عبد الوهاب يستأذنانه،  وافق عبد الوهاب على بعث اللحن شرط ان تغنيه فيروز. وتوقف المشروع وخسرنا فنًا كثيرًا.

وهكذا لم تر القصيدة النور لا بصوت فيروز ولا بصوت ملحم بر كات. ولم تُسمع على العود من  محمد عبد الوهاب.

واذا كان اللحن موجودا في أرشيف الأخوين رحباني  فمن يخرجه من الظلمات إلى النور وينقذ الاغنية.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *