ذكريات وأحلام

Views: 603

خليل الخوري

  

كثيراً ما أتحدّث عن لبنان كما كان، وأنفر من هذا المِسخ الذي عرّفونا عليه بأنه «لبنان الجديد»… تلقّيت، أخيراً، منشوراً على وسائط التواصل الاجتماعي بقلم وليد مزنّر، باللغة الفرنسية، عن ذلك اللبنان الذي من حظّ جيلنا أننا عشناه، فأستأذن في أن أنشُر بعضاً من مقاطعه الرائعة والحقيقية في آنٍ معاً، وقد نقلتُها، ببعض التصرّف، إلى العربية. يقول:

«أذكر وطناً حيث نصنع الخبز في البيت، ونوشّح الغسيل بقرص النيل للحصول على الأبيض الجميل، ونطهو بعض الأطباق عند الخبّاز، وندّق الكبة في الجرن.

وطناً، حيث نُعيّد كل مناسبة ببساطة وعفوية، الشعنينة والفصح والميلاد والفطر والأضحى…

وطناً، حيث الجميع فخورون وقِيَم كل شخص مُحترمة.

وطناً، حيث الطلاب، خصوصاً الجامعيين، يتجاورون من دون فروقات مذهبية أو طائفية، وحيث جامعتانا الكبيرتان «اليسوعية» و»الأميركية» تؤمّنان تعليماً عالياً للطلاب الآتين من أربعة أقطار العالم العربي.

وطناً، حيث الناس، من سائر الأطياف، يسكنون جنباً إلى جنب في مختلف مناطق الاصطياف، مثل عاليه وبحمدون وضهور الشوير وبرمانا… وحيث الانتقال بالـ»أوتو ستوب» من قريةٍ إلى أُخرى، كان يتمّ بأمانٍ تام.

وطناً، حيث شواطئ سان سيمون وسان ميشال وسان جورج كانت واحة استرخاء.

وطناً، حيث أصحاب الذوق الرفيع كانوا يقصدون «شوكولا مو» الحاوي وكنافة البحصلي ووجبات العجمي في وقتٍ متأخر.

وطناً، حيث سوق الذهب وسوق أبو نصر يتكاملان بذكاء.

وطناً، حيث الزوار من جميع الجنسيات العربية يتوجهون إلى مراكزنا التجارية.

وطناً، حيث السياح، من أنحاء العالم، يتدفّقون إلى هذه الأرض.

وطناً، حيث الفنادق في ذروة إشغالها، كذلك المرافق السياحية في جبيل وصور وصيدا والأرز وبيت الدين…

وطناً، حيث مهرجان بعلبك يستقبل، كلّ صيف، أشهر النجوم العالميين أمثال نورييف، روستروبوفيتش، فون كارايان، كوكتو، لويس أرمسترونغ وإيلا فيتزجيرالد…

وطناً، حيث شارلي هانشز يُنفّذ لكازينو لبنان أروع استعراضات العالم، وحيث كان يتمّ سنوياً، انتخاب ملكة جمال أوروبا.

وطناً، حيث تُنظّم احتفالات مميّزة واستثنائية، مثل حفل تقديم المبتدئات وغيرها من الفعاليات العالمية المعايير.

وطناً، حيث تكثر الحفلات في «لي كاف دو روا»، «لو فلاينغ كوكوت» و»إبي كلوب» التي كانت ترتادها النخبة من مختلف الأنحاء.

وطناً، حيث فنادق البريستول والسان جورج وفينيسنا تُنظّم أروع حفلات الزواج في منطقة الشرق الأوسط.

وطناً، حيث دور السينما، أمبير، روكسي والحمرا، تعرض الأفلام أولاً (avant-première)، حتى قبل عرضها في العالم.

وطناً، حيث الكعكة كانت رفيقة الدرب من الكورنيش وصولاً إلى حانة «غروت أو بيجون» في الروشة (…)»

والقسم الثاني من مقال وليد مزنّر يتناول حلمه في وطن العدالة والمساواة، وهو لا يقلّ إبداعاً عن القسم الأول، ما لا يتّسع له هذا المقام..

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *