انتخابات المغتربين

خليل الخوري 

شاءت المصادفة أن يستقر عدد المنتشرين اللبنانيين الذين تسجّلوا للاشتراك في الانتخابات النيابية العامّة في السنة المقبلة عند رقم جميل ومهم (244442).

إنه رقم كبير بالتأكيد، فنحو ربع مليون لبناني مقيم في الخارج يندفع إلى الاستعداد للاقتراع في لبنان هو حَدَثٌ بارز، ذو دلالاتٍ ومعانيَ لافتةٍ يمكن التوقف عند بعضها في الملاحظات الآتية:

الأولى – أن الرقم كبير قياساً إلى عدد سكّان لبنان (اللبنانيين) المقيمين فيه، أي نحو واحد على ثمانية، أمّا قياساً إلى عدد الناخبين فيقارب هذا الرقم ما بين الخُمس والرُبع.

الثانية – يُخشى من الخيبة في حال لم تُجْرَ الانتخابات، أو أُجِّلَتْ لسبب أو لآخر، ما قد ينعكس صدمةً في ديار الاغتراب، وسلباً على رغبتهم، بل وحماستهم، للاقتراع في الدورات المقبلة.

الثالثة – بقدْرِ ما يجب التنويه بتجاوب المنتشرين مع الدعوات إلى تسجيل أنفسهم كمنتخِبين، بقدر ما تجدر الإشادة بالدور الذي أدّاه هؤلاء الشباب الطيّبون الذين نسّقوا، من دون سابق معرفة في ما بينهم، واتصلوا بالجاليات اللبنانية في القارات الخمس، لما أبدوا من حماسة، وما بذلوا من جهد، وما أعطوا من وقت، وما تحملوا من مشقّات، إلى أن حقّقوا حلمهم بتحريك حميّة الانتشار والدفع على طريق أقلام الاقتراع.

الرابعة – لا نعرف ماذا سيكون قرار المجلس الدستوري من الطعن الذي تقدّم به، أمامه، عشرة نواب من تكتل « لبنان القوي»، بقانون تعديل قانون الانتخابات النيابية، وإذ تختلف الآراء السياسية فيه، فإن الطاعنين يأملون أن يأخذ المجلس الدستوري بالأسباب الموجبة التي بنوا عليها طعنهم، وعندئذٍ سيسقط القانون، ويتخوّف البعض من أن تسقط معه الانتخابات كلّها، ما ستترتّب عليه إشكالية كبيرة: فالذين تسجّلوا ليشاركوا في الانتخابات لِـ 128 نائباً سيواجهون معضلة معقّدة تتعلّق بسقوط المهل من جهة، وصعوبة اقتراعهم في لبنان من جهة ثانية لأسباب قانونية ولوجيستية أيضاً، لأن تسجيلهم في الخارج (بموجب القانون السابق، أي قبل التعديل) لا يمكّنهم من الانتخاب في لبنان من حيث هم منتشرون، وأيضاً لو عادوا.

في أي حال المسألة سياسية، بامتياز، وبعد الرقم الكبير للمغتربين لن يكون بعيداً أن يتفق القوم، في « الجماعة السياسية»، كما يسميها غبطة البطريرك الراعي، على تعطيل اقتراع المغتربين، إذا لم يكن على تطيير الانتخابات.