الإنسان بين هشاشة كينونته والوجود الشائك

أنطوان يزبك

 

“إن الموعظة كانت طويلة، والعمر قصير” (شمس الدين الحافظ).

 

لعل ما يقوله شمس الدين ، يقصد به الإنسان في جميع أحواله وكل ما ينتابه في هذا الوجود بطوله وعرضه وعمقه وارتفاعه، هذا الإنسان السامي الكريم والجاهل العليم، إنسان حائر وفي نهاية المطاف في عمق الأرض غائر..

تتعدد الصفات وتتنوّع الأهواء وكل حي يحاول أن يرى الإنسان كما يحلو له.

 

يقول هوميروس الشاعر البصير: “الناس مثل أوراق الشجر”.

والمقصد من كلامه هذا أن الحياة قصيرة مثل هباء، حياة غير محصّنة قابلة للسقوط في كل حين!.

كذلك يجد في  سقوط الورقة وهي متروكة لمصيرها، مقارنة مع الإنسان المسيّر، لا يتحكّم بمصيره بل تتلاعب به الأقدار!.

 

من ناحية أخرى يقول الفيلسوف الهندي أوشو:

“كل ما في الوجود يرقص باستثناء الإنسان، الوجود كله في حالة استرخاء، الأشجار تُزهر وتُثمر، الطيور تحلّق في أعالي السماء، الأنهار تنساب نحو مصبّها، النجوم تسطع، كل شيء يبدو وكأنه في قمة الاسترخاء. لا أحد مسرعًا ، لا أحد ملحًا ، لا أحد قلقًا، إلا الإنسان. هل الإنسان ضحية عقله?!..”

 يرى أوشو الإنسان كأنه الحلقة الأضعف في هذا الوجود برمّته، وكأنه عالة وعلّة على الكون بأسره. بينما الكائنات الأخرى تسير حسب خطة محسوبة ومحددّة وحده الإنسان يشذّ عن القاعدة.  دأب أوشو  التشكيك بكل شيء هو الذي بنى فلسفته وأفكاره ب اعتبار أن لا شيء له قيمة في هذا الوجود وكل ما نراه آيل إلى الفناء في نهاية المطاف.

أثارت هذه الأفكارالفتن والمشاكل بين أوشو وكثيرين وسببت طرده من الولايات المتحدة الأميركية ، ومات مقتولا  بعد بثّه السلبيات من خلال آرائه والسموم في أذهان الناشئة وعقولهم.

الإنسان إذًا مأزوم ولا نعرف  ما إذا كان فعلا سيد هذا الكون أو مجرّد كائن محدود عابر على غرار أي مخلوق على هذه الأرض!

 

ولا بد لنا من ذكر ما قال ذات مرة نابليون بونابرت القائد العظيم وفاتح البلدان، بطريقة ذكية طريفة :

“كلما بعدنا عن الرجل بدا لنا أصغر حجمًا، وكلما اقتربنا منه بدا لنا أكبر حجمًا. أما عقل الرجل فإنه على العكس يبدو لنا كبيرًا كلما ابتعدنا عن صاحبه، وصغيرًا كلما اقتربنا منه..”

 

يبقى الإنسان في الأحوال كافة متميّزًا عن سائر الكائنات في كل الظروف والمجالات، هو خليقة الله والقيّم على خلقه، وتبقى الإنسانية ابتسامة فرح وسط كل هذه الفوضى الرهيبة!…