المستبد العادل

Views: 667

خليل الخوري 

يوماً بعد يوم يتبين أكثر فأكثر، وبمزيد من الوقائع والإثباتات والبراهين، أن هذا البلد الذي اسمه لبنان «مش ظابط»… إنها الحقيقة، وإن مؤلمة. أصلاً الحقيقة تجرح.

ومن باب الإنصاف يقتضي القول: بل لم يعد «ظابطاً».

هل أن هذا الاستدراك يعني أن الأمور كانت بألف خير، حتى في أيام العز والازدهار التي يعرّفونها بالزمن الجميل؟ الجواب بالنفي قطعاً… فحتى في تلك الأيام كانت الثغرات كبيرة. ومن يومها كان المصير مطروحاً على نطاق واسع. والمرحوم الشيخ بيار الجميّل الجد مؤسس حزب الكتائب، الذي كانوا يطلقون عليه تسمية «حزب السلطة»، كان ينادي بحكم «المستبد العادل»، و”طلع الشعر” على لسانه وهو يرمي السؤال المزمن في وجه الجماعة السياسية: أي لبنان نريد؟!.

ولقد «كعي» الجميّل من دون أن يحظى بالجواب، فغادر هذه الدنيا حاملًا معه ذلك السؤال الأبدي… وفي تقدير رئيس سابق أنه لو حظي شيخ الكتائب بجواب شافٍ، لما وصلت الأزمات بلبنان إلى ما آلت إليه، ولكنّا تجنبنا الويلات والكوارث والنكبات التي حلّت بنا

واليوم نرى أن السؤال لا يزال مطروحاً، وبإلحاح… ومن دون التوصل إلى جواب عليه سنظل ندور في حلقة كارثية، ولكنها ليست مفرغة، لأنها مليئة بالشرور والأزمات والفقر والجوع

وما توصّل إليه (أو ما لم يتوصل إليه المجلس الدستوري أمس) يشي بشكل واضح، لا لبس فيه ولا إبهام بأنه لا يمكن أن يستوي أي شأن في هذا البلد… وبأن الخلافات ستظل قائمة على كل صغيرة وكبيرة… وهذه الحال ليست طبيعية ولا هي دلالة على الديموقراطية، بِقَدْر ما هي دليل أكيد على أن الشرخ الكبير بين الأطياف اللبنانية يحمل في طياته نذير شؤم مروّع لبلدٍ لم يعد يملك شيئاً من مقوّمات البلدان! بل أبعد من ذلك، إذ إن غير دولة، وليست الولايات المتحدة الأميركية وحدها، تستعد لإدراجه على لائحة الدول الفاشلة، بل هناك غير دولة تنشط في هذا الاتجاه الذي قادتنا إليه صراعات وفساد أهل السياسة عندنا، في الحكم وخارجه… وهل نريد دليلاً أكبر وأخطر من حكومةٍ مُحظّرٍ عليها الاجتماع؟!.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *