النزول عَ طول

Views: 291

خليل الخوري 

كنا نُقيمُ على أمل أن الفجر، فجر قيامة لبنان، سينبثق من أواخر هذا الليل الطويل جدّاً… وكنا نفقد الأمل في كلّ مرة، إذ نجد أنفسنا أمام الجدران الموصَدة في وجه الحلول، وحتى من مجرّد بوادر الحلول.

كنا نقول: لا بدّ لهذا الليل من آخر… لنتبين أنه أطول من ليل النابغة الذبياني.

كنا نقول: «كل طلعة قبالها نزلة»، لنكتشف أن نزلتنا ليست لها طلعة.

وكنا نقول (مع المرحوم رشدي المعلوف): «ما عدنا نخشى السقوط، لأننا تدهورنا إلى حيث لم يعد تحتَنا تحتٌ»… وسرعان ما اتضح لنا أننا مهما توغّلْنا في الهبوط، فهناك دائماً تحتَنا تحتّ»؟!.

هل هذا هو قدَر لبنان واللبنانيين؟!. الجواب مزدَوَج، سلبي وإيجابي في آن معاً. نعم، إنه قدرنا أن نواجه هذه المعاناة القاسية، وبالتالي أن يتحكم بنا هذا الرهط من السياسيين الفاشلين في كل شيء، إلّا بالمتاجرة بنا، وبيعنا في سوق نخاسة الأمم. وكلّا، هذا ليس قدَرنا ولا قدَر بلدنا، لأننا نحن، بملء إرادتنا، رهنّا قرارنا (ويؤسف القول إننا رهنّا الكرامة أيضاً) عند هذه الشرذمة من الذين «توارثونا» أباً عن جد! وباعونا واشترونا وابتكروا الخلافات والصدامات والمعارك (الحقيقية والمزيّفة باسمنا)… وتاجروا بنا، فبنوا صروحهم على حساب أكواخ الناس، ونصبوا قِبابهم على إفقار اللبنانيين وتجويعهم (…).

لذلك ليس من باب المصادفة أن «الرعايا» يجوعون، أمّا هم فيُتخَمون، وأن الاتباع يعجزون عن القيام بالحد الأدنى من أود الحياة، أمّا هم فيتلاعبون بالأموال العامة والخاصة، وبالذات تلك التي هرّبوها بمليارات الدولارات، بينما الذي يصفق لهم حتى تتشقق يداه، ويهتف بأسمائهم حتى تتقطع أوتار صوته في شدقيه… فقاصر عن شراء جرعة الدواء لابنه المريض  وحصّة الحليب لطفله الجائع؟!.

رحماكَ اللّهمّ حَتّامَ هذا القهر؟!.. أوَليس لهذا الليل من آخر؟!.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *