ندبة رأس السنة

Views: 724

ميخائيل نعيمه  

 

من ديوان “همس الجفون” ١٩٢٥

 

ماذا دهاكم يا صحابي

فرُحتم تَغلون، وترغون، وتفورون،

وتتسابقون إلى حيث لا تعلمون،

وتتجاذبوني إلى حيث تتسابقون؟

أكُلّ  ذلك لأنّ هذه الكريّة الهائمة في الفضاء

قد أكملت دورة من دوراتها حول الشمس؟

ولكن، ما شأني مع الأرض أرضكم،

والشمس شمسكم،

وأنا ما برحت ولن أبرح

هوىً جائشاً

في خضمّ الوجود

الذي لا تحصره أرض ولا سماء؟

آمالكم تلِدها السنون ثم تخنقها السنون،

وأفراحكم تستحمّ بالدمع وتدّهن بالدم،

وحبّكم مقمّط أبداً بقُمُط الذعر والبغضاء

التي لا توشك أن تبلى حتى تتجدّد

فكيف لي أن أترنّح بما تترنّحون

وأملي ما وُلد بعد ولن يولد،

وفرحي بريء من الدمع،

طاهر من البسمات،

وحبّي عريان كالصباح؟

 

أيحتاج إلى سراجٍ  من اتخذ كبد الليل مسكناً له،

ومَن لا يسلك في مسالك الخير والشر

التي لا تنتهي أبداً حيث تبتدئ؟

 

أيغمس شفتيه في كوب من الخمر

مَن يطفئ أوامه من ينابيع ربّانية؟

أم يطرب لرعشة الأوتار

مَن سكينته ترتعش ليل نهار

بأنغام أجرامٍ

لله ما أقصاها عن جرمكم هذا؟

ألا أغرقوا بالخمر قلوبكم العطشى إلى النسيان

أما أنا فلن أغرق قلبي النشوان واليقظان.

 

ألا ليتكم تصمّون آذانكم

ولو لحظة عن هرجكم ومرجكم

وتفتحونها لولولة الأرض وعويل أبناء الأرض

فقد تشتاقون عندئذٍ ولادة جديدة

لا سنة جديدة.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *