عبد الجليل وهبي دنيا الشعر والغناء

Views: 628

 

د. قصي الحسين

(أستاذ في الجامعة اللبنانية)

 الشعر والغناء، هما من صلب واحدة. هما من حنجرة واحدة. هما من نفس ومن روح واحدة. هما من قلب واحد. ومن لا يصدق ذلك، فليذهب إلى الأستاذ الراحل، عبد الجليل وهبي، ذلك العلم الكبير الذي بزغ فجأة، في دنيا الشعر الغنائي، وفي دنيا الزجل المنبري، والتي عاشت الإذاعة اللبنانية، تصدح بأشعاره وأغانيه التي ألفها، لجميع الفنانين والمطربين، الذين تفيأوا دوحة الفن والغناء.

 كتاب الأب بديع الحاج: (عبد الجليل وهبي، في الشعر، في الإنتاج الفني الإذاعي، في جمعية المؤلفين والملحنين وناشري الموسيقى في لبنان- دار نلسن- بيروت-400ص/ ط1 -2022).

 سفر جليل حقا وعظيم. هو كتاب الأب الحاج. ومن لا يصدق، فليعد إليه. هناك يرى القارئ بأم عينيه، كيف إنكب المؤلف، على جميع أعمال عبد الجليل وهبي، في الشعر والغناء، وجعلها في قربة واحدة،  في جعبة واحدة. في فتح واحد. يروي الروح والنفس، بكل ما تشتهي الروح والنفس، من أدب الحياة.

ما أجمله الصديق الشاعر الأستاذ “هنري زغيب”، حين صدر له فقال في تضاعيف تصديره: ” مع الأب بديع الحاج، يخرج عبد الجليل وهبي من حضن أوراقه لدى محفوظات جامعة الروح القدس- الكسليك، ويظهر على إمتداد الصفحات بين يديك، شاعرا متمكنا، أيام كان ينتج غزيرا منوع الكتابات.” (ص١).

 في مقدمة الكتاب( ص٣) التي وضعها المؤلف، تذكرة لمن لا يعرف عبد الجليل وهبي،  أنه كان إلى جانب كتابة الشعر ونظمه، ” رائدا في العالم العربي في مجال إنتاج الأعمال الفنية وتنفيذها وتسويقها. فجمع بشخصه الفنان المرهف، ورجل الأعمال الرائد.” ثم يتابع قائلا: ” شكل (عبد الجليل وهبي) فريق عمل من شعراء وكتاب وموسيقيين وموزعين وعازفين ومخرجين، لينتج أجمل الأعمال( التي) بثت عبر إذاعات عربية وعالمية”.

 يستعرض الأب بديع الحاج، في مؤلفه الذي بين يدينا، حياة الشاعر. ويتحدث عن أعماله، في مادتها: من الشعر والقصائد والغناء، حتى وصولها إلى الإنتاج. ويذكر بمن صدح بها وغناها من المطربين والفنانيين، في لبنان والعالم العربي. وكثيرا ما لجأ إلى أسطرة الأشخاص، لينسج عن ألسنتهم،  أجمل الأشعار التي تقول الحكمة والموعظة، كما تقول التربية والأخلاق. بحيث تشكل منها كنزا ثمينا للغاية.

 تابع المؤلف، حياة الراحل عبد الجليل وهبي. تتبع الأب، أعماله، على كل الصعد. فذكر فضله الكبير على تأسيس جمعية المؤلفين والملحنين وناشري الموسيقى. وناضل في سبيل ذلك وحمل التبعات على كتفيه، وما ناءت بها كتفاه.

 إستعرض المؤلف حياة عبد الجليل وهبي، طفلا ورجلا وفنانا موهوبا. وتتبع أعماله كلها. أحصاها له بكل دقة من خلال الأرشيف الخاص  لعبد الجليل وهبي في الإذاعة اللبنانية. وتتبعه أيضا، من خلال جدول البرامج والأغاني،  مع ذكر الملحنين والموسيقيين، والمؤلفين والمنتجين والمخرجين. ووقف كذلك على أسماء جميع المنتسبين للجمعية العالمية التي أنشأءها في فرنسا، تحت  مسمى ” ساسيم-SACEM”.

لم يهمل المؤلف الأب  بديع الحاج، تشكيل الكلمات، لتسهيل القراءة. في زمن الطباعة على الآلة الكاتبة. وذكر أن قصائده، كانت سهلة التلحين. وعزا ذلك، لحسن معرفة وهبي بالألحان. ولألمامه بالموسيقى أيضا. وذيل كتابه، بقاموس يشرح فيه الكلمات القديمة، التي يجهل معناها، محبو وهبي في أيامنا هذة.

 سفر الأ ب بديع الحاج عن الفنان العملاق، عبد الجليل وهبي، تقصى كل الدقائق. تقصى كل الحقائق، في حياة هذا الشاعر الكبير و الفنان. تتبع جميع أعماله، وأحصاها وحققها وسجلها وضبطها، ضمن باب خاص(19-27). كذلك ذكر بالقصائد والنصوص التي إستند إليها وهبي ص30- 117). تتبع برامجه أيضا وصنفها له، وفتح لها بابات جميلة ودقيقة للغاية، مذكرا بجميع الشركات ودور التوزيع، ودور التلحين التي تعاون وهبي معها، طيلة ستين عاما ونيف.

 عبد الجليل وهبي، لو كان بيننا، لقال للأب الأستاذ بديع الحاج، شكرا لك سيدي، على تعبك معي. أتعبتك معي. لأنني أتعبت الناس طربا في حياتي، وشوقا ومشقة، بعد مماتي.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *