صراع الأنبياء

Views: 669

خليل الخوري 

 

عرف لبنان، في تاريخه الحديث، كوكبة من الرؤساء والمسؤولين الذين امتاز كلٌّ منهم بميّزات وخاصيات مهمة جدّا تبين أن هذا الوطن أنتج شخصياتٍ استثنائيةً بارزة… ولو استعرضنا بعضاً من الأسماء، وعرضنا لبعضها الأخر، لتبين لنا أن ثمة فارقاً مذهلاً بين زمن كانت الطوائف تفرز فيه خيرة رجالاتها من الذين  يصح فيهم انهم «للسيف وللضيف ولغدرات الزمان»، وبين زمن استشرى فيه الفساد، وطغت المادة على القيَم، وبات الانسان يُقاس بما في جيبه وليس بما في قلبه ووجدانه وتفكيره(…)

ولو شئنا أن نسمي لطالت اللائحة لأولئك الماهدين المميزين، وليس ثمة مجال، لذلك أتجاوز هذه النقطة، مكتفياً ببعض من استحضرتهم الذاكرة، الان، لأُشيرَ الى أن رجالات ذلك الزمن لم يغب لبنان يوماً عن خواطرهم، ولا هم مالوا بوجوههم عن هموم الناس… الى ذلك كانوا سادة في القانون (إميل اده وبشارة الخوري وحميد فرنجية وإميل لحود وبهيج تقي الدين وفؤاد عمّون ونصري المعلوف…) وفي الحرص على مالية الدولة  (رشيد كرامي…)، وفي البلاغة والفصاحة (بشارة الخوري الذي كان يكتب خطاباته بيده، وحسن خالد الرفاعي، وإدمون رزق وفؤاد الترك…)، وفي الانتماء الفلسفي وجودياً وماورائياً وفكرياً وقيادةً فذّةً (كمال جنبلاط)، وفي الزعامة الشعبية عابرة الطوائف (كميل شمعون وكمال جنبلاط وريمون إده ورشيد كرامي… )، وفي قيادة الشارع لا الانقياد اليه (بيار الجميل وكميل شمعون وصائب سلام وكامل الأسعد وكاظم الخليل وصبري حمادة…)، وفي الفروسية (سليمان فرنجية وسليمان العلي والأب سمعان الدويهي  والأمير مجيد أرسلان…)، وفي الدهاء والهدوء وحفر الجبل بالإبرة (رينيه معوض …)، وفي الديبلوماسية ( شارل مالك…)، وفي الوفاق والوئام (هنري فرعون ويوسف سالم وبيار اده وغسان تويني- القوة الثالثة…)، والدهاء (الحاج حسين العويني وكاظم الخليل…)، والعبقرية (شارل حلو الذي صحّح خطأً في   القاموس الفرنسي- لاروس- وقال في القضية الفلسطينية: إنها صراع بين الأنبياء في السماء فلا يقدر على حلّها الناس على الأرض، علماً أنه كان مدافعاً شرساً عن عروبة فلسطين)، وفي الإعمار (رفيق الحريري) وفي الآدمية والصدق والنزاهة والترفُّع والأمانة (سليم الحص حفظه الله).

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *