«كورونا» يفتك بالهند

خليل الخوري 

تفلّت فيروس كوفيد-19 في الهند من كل القيود، وبات المشهد مُرعباً بكل ما للكلمة من معنى. وقد تخطى عدد الإصابات اليومية أعلى الأرقام المعروفة في العالم.

وكان المشهد مؤثراً جداً بحرق جثث الضحايا في الشوارع بعدما عجزت المحارق العادية عن استيعاب أعداد الضحايا. واللافت في هذه الحال المؤسفة ان منظمة الصحة العالمية أرجعت سبب هذا الفلتان في الجائحة وسرعة انتشاره إلى «تدافع الناس نحو المستشفيات من دون داعٍ»، وفق ما أوردته وكالة رويترز للأنباء. أي أن تفقّد الناس الأقرباء وسائر ذويهم أدّى إلى انتشار الوباء في ما بينهم كالحريق في الهشيم.

هذا الارتفاع في الإصابات الذي وصفته منظمة الصحة العالمية بـ»الجنوني»، والذي يتجاوز أحياناً مئات الآلاف يومياً أدّى إلى أن «الرعاية الصحية في الهند تنفجر»، حسب ما نقلت سبوتنيك عن قناة مير 24 الروسية، بدليل أن الوفيات لامست في الأسابيع الأخيرة ال200 ألف من 17 مليون إصابة مُسجّلة، أما ما لم يُسجّل رسمياً بعد، فيتعذّر تقديره.

إن تعداد سكان الهند يبلغ اليوم نحو مليار و500 مليون نسمة، يعيش معظمهم في ظروف إجتماعية دقيقة. وقد عُرف هذا البلد العريق بتناقضاتٍ مذهلة، إذ ترى في جوار القصر المُنيف الذي يسكنه الملياردير الكبير مئات الآلاف يفترشون الثرى، ويلتحفون الفضاء، ويمضون أياماً عدة من دون أن يجد الواحد منهم حصة من الغذاء.

والهند بلدٌ عريق عميق التجذّر في الحضارة، وهو مَوئل الروحانيات والماديات المفرطة في آنٍ معاً، وتتعايش فيه قومياتٍ عديدة، ويعترف رسمياً بـ22 لغة، بينها اللغة الهندية الأكثر استخداماً. أما الولايات الهندية، فتتمتع بالحرية والصلاحيات لتحديد أي لغة تريد كلٌ منها أن تعتمدها رسميةً لها، علماً أن اللغة الهندية الآرية، يتحدّث بها نحو 75% من الشعب الهندي. وأما اللغات الدرافيدية، فيتحدّث بها 20% من الهنود، إلى ما هنالك من لغات استرو-آسيوية وصينية ولغاتٍ أُخرى يبلغ عددها 416 لغة وفق معلومات ويكيبيديا.

الهند، هذا البلد العظيم، العريق في حضارته، جنى عليه الاستعمار علماً أنه منبت الحضارة في الشرق الأقصى، كما أساءت إليه الصراعات الحدودية، خصوصاً مع الباكستان. ويكفيه فخراً أنه أنبت رمز اللاعنف، عنيت به المهاتما غاندي، وأيضاً رجل عدم الانحياز بامتياز جواهر لال نهرو ورئيسة الوزراء أنديرا غاندي.