زوائد المنطقة ونواقصها

Views: 7

خليل الخوري 

منذ نحو نصف قرن وانا مقيم على اقتناع بان ثمة قراراً كبيرا متخذا بحق لبنان، وهو لا يزال مستمرا حتى اليوم… وقد أُوكِلَ الإعداد له وبدء تهيئة الاجواء لتنفيذه، منذ مطلع عقد سبعينات القرن العشرين الماضي، الى سفير الولايات المتحدة الأميركية في لبنان، مستر غودلي.

وحدث، عشية اندلاع الحرب اللبنانية انني كنت في القاهرة، وفيما ارشف من كأسي وأنا جالس الى البار في احد الفنادق اصطدم بي جاري وكاد ان يتهاوى عن كرسيه، لو لم اسارع الى احاطته بذراعي… وكان قد تعتعه السكر… وأمضينا السهرة معا في لوبي الفندق، لأكتشف أنه ديبلوماسي بارز في البعثة الأميركية في الرباط… وفاضت قريحته( على الأرجح لأنه كان ثملاً) واطلعني على مخطط لضرب لبنان، بناء على مخطّطٍ أميركي – اسرائيلي مشترك… وأخبرني اننا مقبلون على حرب طاحنة في لبنان، ووصل به الأمر حد الكلام على هدنات ستتكرر كثيرا والهدف منها الافساح في المجال أمام الأقليات الطائفية والمذهبية في كل منطقة لبنانية لان تغادرها الى مناطق اخرى تشبه سكانها، لتحقيق نوع من «النقاء الديني» تحقيقا لهدف الكيان الصهيوني… ولا يزال كلامه يرن في اذني : «غود باي» لبنان الذي تعرفونه.

وفي اليوم التالي عدت الى بيروت، وكتبت تحقيقاً (موضوع الغلاف) لاحدى المجلات الاسبوعية التي كانت قد حُوِّلتْ من جريدة يومية  الى اسبوعية في تجربة صحافية جميلة، برئاسة المرحوم ياسر هواري (واُعيدت لاحقا الى جريدة يومية ولا تزال). وكان عنوان الغلاف «مستر غودلي ماذا تنفذ في لبنان؟».

في اي حال ازددت ُاقتناعا بأن هذا المخطط الملعون لا يزال قائما… ولبنان، الذي كان، سيبقى مفقودا الى الأبد. ولبنان المسخ الذي أقيم على أنقاضه سيظل عالقا بين الحياة والموت، ليكون جاهزا لزوائد المنطقة ونواقصها. وهو ما أُصرُّ على تكراره دائما… واما الزوائد فالنازحون السوريون واللاجئون الفلسطينيون، واما النواقص فالجولان المحتل. وتلك قصة اخرى (…).

(Tramadol)

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *