صبر ودموع

Views: 120

خليل الخوري 

سنة إضافية تمر على استشهاد الرئيس المرحوم رفيق الحريري ليتبيّن أن لبنان لا يزال في انحدارٍ كبير نحو هاوية لا قعر لها.

لسنا، هنا، في مجال تقويم مرحلة الشهيد الذي، بالرغم من الطبيعة الخلافية المطبوعة بها المجتمعات اللبنانية (ونصرّ على أنها مجتمعات عدّة وليست مجتمعاً واحداً) فثمة إجماع على أن الرجل كان قامة كبيرة، خصوصاً على مستوى العلاقات الدولية ذات المراوح الكثيرة التي قلّما توافرت لسواه من المرجعيات، ليس فقط الإقليمية، بل أيضاً العالمية، على الرغم مما بينها من تباين. واللافت أن تلك العلاقات كانت على مستوى من الندّية التي قل نظيرها، إلّا أنها تكشف كم كان رفيق الحريري قامة كبيرة نادرة.

ولا نقول جديداً إذا قلنا إن الاضطراب الذي نعيشه، قبل تشكيل الحكومات في لبنان، إنما هو دليل آخر على الفراغ الهائل الذي تركه رحيل أبي بهاء، في الساحة السياسية اللبنانية، والذي يبدو من أسف أنه سيستمر ضاغطاً على البنية السياسية في هذا الوطن الصغير المعذّب.

وليس بالأمر الهيّن، ولا المقبول، بأي حال من الأحوال، أن تحلّ ذكرى تلك الجريمة الإرهابية الكبرى، والرئيس سعد الحريري يجد نفسه مضطراً للخروج من الصورة، ولو بتعليق موقت، ولأسباب ليس من شأننا أن ندخل فيها، إذ إن «بقّ البحصة» هو وعد قطعه الشيخ سعد على نفسه منذ أمد غير قصير، ويعود له أن يُحدّد الموعد بنفسه، وفق ظروفه ومستجدّاته.

لقد تفاقمت تطورات تلك الجريمة الإرهابية وتشعّبت تداعياتها منذ ذلك «الشباط» الأسود (2005) ولا تزال تُلقي بظلالها الثقيلة، حتى اليوم، على عاتق وطنٍ ينؤ، أصلاً، تحت ضغوطات لا طاقة لبلدانٍ كبيرة، بل أيضاً لبلدان عظمى، على أن تتحمّلها.

«سيذكرُني قومي إذا جَدّ جِدُّهم / وفي الليلة الظلماء يُفْتَقَدُ البدرُ». قبل ألف سنة، قال أبو فراس الحمداني هذا البيت من الشعر في قصيدته العصماء، ومطلعها: «أراكَ عصيَّ الدمع شِيمتُكَ الصبرُ» (…). واللبناني الذي «شلّحوه» كل شيء، أخذوا منه الصبر، وحبسوا في مُقْلَتَيْهِ الدموع.

(studybizz.com)

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *