… وخل السياسة جانباً

Views: 607

خليل الخوري 

لست أدري ما إذا كانت «الحال اللبناينة» في النظرة الى فيروس كورونا هي حالٌ إيجابية أو أنها لامبالاة غير مسؤولة. أبادرُ الى أن المقصود بهذا الكلام هو عدم قدرة اللبنانيين على مغادرة إنقسامهم العامودي حتى من خلال النظرة الى هذه الجائحة الخطرة التي تجوبُ المعمورة في زواياها الأربع، فلا توقفُها سدود ولا تردَعُها حدود.

في تقديرنا أنها مزيجٌ من الإثنتين معاً: في إيجابيّتها أنّ هذا الشعب الحيوي يستطيعُ التعايشَ مع الخطر، ولو كان داهماً، بقدرةٍ إستثنائية. فإذا بمواقع التواصل الإجتماعيّ تضجّ بالطُرف المتناسِلة طُرَفاً. فلكلّ تطوّر ردّة (بل ردود) فعل وإسقاط هذا التطور على الواقع السياسي إنطلاقاً من نظرة صاحب التعليق أو المنشور أو التغريدة أو الواتس أب… وما أن يصدر التعليق من طرفٍ حتى يتلقّفه الطرف الآخر سياسياً بتركيبات من هنا وهناك، بعضها لا يركبُ على قوس قزح.

إلّا أنّ السلبية في هذا الأمر هي ما تحمله تلك المداخلات من أحقاد وضغائن ونكايات و»تزريكات» إلخ…

أصلاً، كان اللبنانيون في هكذا مزاج حتى قبل أن تشملنا كورونا بلعنتها. إلّا أن إنتفاضة 17 تشرين كسرت الهيبات وتجرّأت على القامات والمقامات، فلم تعد ثمّة محاذير أو مخاوف أو تردّد… وإذا النتيجة تتمثّل في هذا القدر من الإنفلات اللامحدود الذي يتكشّف عن أمور عديدة قد يكون اللافت الأكبر فيها كم أن اللبنانيين متمسّكون بقياداتهم لدرجة العبادة السخيفة.

ولقد لا تتوقّف السخافة عند هذا الحدّ، إذ بلغت قدراً غير مسبوقٍ بتجرؤ من نوع آخر ربما هو الأشدّ خطراً بان يتحوّل أي مواطن الى أستاذ في علم الفيروسات والجراثيم، فلا يرتدع عن أن يفصّل ويشرّح هذا الفيروس الخطر وكأنه أستاذٌ في أشهر كليات الطبّ في العالم، فينصح بشرائح الليمون أو بقشر البصل أو بالخلّ والثوم الى ما هنالك مما يخطر أو لا يخطر في بال عاقل.

وفي وقتٍ صدر كلامٌ إستثنائيّ الأهمية عن غبطة البطريرك بشارة الراعي، في عظة أمس الأحد، أشار فيه إلى «علامات الأزمنة»، ما زالت العامّة عندنا تغرق في الأنانيات والعصبيات، بينما العالم، كلّه، تجاوز الكثير مما يقسم ولجأ الى ما يجمع إن بين الجماعات والأطراف داخل البلد الواحد أو بين الدول، حتى تلك التي بينها خلافات ونزاعات وحروب.

كورونا لعنة. سيّان أكانت من صنع الطبيعة أم من صنع دول، كما قيل في بداية انتشاره. ولكن يمكن أن يكون مدخلاً إلى وحدة الصف والكلمة.

«خليك بالبيت» شعار جديد وجميل. ولكن خلِّ السياسة خارجاً.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *