حينَ يأتي…

Views: 364

لميا أ. و. الدويهي

يعودُنا ذلك التاريخ من عام لآخر فينتظرهُ التُّجار لبَيعِ أفخر ما توفَّر لهم من هدايا وبائعي الأزهار أبهى ما رأتهُ العين من وررد يفوحُ أريجها لتعطِّرَ أُمسيات الأحبَّة في الزوايا التي تُوضع بها فتُكحِّلَ الأعين بمنظرها وتُضفي جوًّا شاعريًّا رومانسيًّا يخلقُ جوًّا خاصًّا بكلِّ ثنائي…

وأمَّا الكنيسة فتنتظره لتحتفلَ بعيد قدِّيسِه فالنتين الذي كان كاهنًا مسيحيًّا يُزوِّج العشاق المسيحيِّين سرًّا في عهد الرومان وحين كُشفَ أمرهُ تمَّ إعدامه فأضحى شهيد الحب…

الزواج هو سرٌّ من أسرار الكنيسة والأسرار في الكنيسة هو الحضور السرِّي للروح القدس معنا وفينا وبيننا ليعضد ويقويِّ ويُفعِّل ذلك الحب أو تلك النِّعمة فيُضفي تلكَ النَّفحةَ السَّماويَّة على حياتِنا وجماعاتنا ويمنَح ذلك الرَّجاء الذي يُنَكِّهُ الحياة ويُعطي ذلك العُمقِ في الفرح الذي يسمو فوق الصعوبات والآلام والأحزان…

في هذا اليوم يَحارُ المرءُ كيف يتفاعل معه، فهناك مَن يقول أنَّه لا يحتاجُ ليومٍ يُعيِّدُ فيه للحبّ، لأنّه يحياهُ كلَّ يوم، وهناك مَن يقول، حسنٌ أنَّه مَوجود، فهكذا «نُسكِتُ» الطَّرف الآخر بهديَّة، بكلمة…

وهناك، من الفئة غير العاشقة مَن تتمنَّى لو يجلبُ لها العيد شيئًا من هذا الحبّ العظيم «الفالنتيتي» بحسب رؤيته الخاصة وهنالك من الفئة ذاتها، أي من دون حبيب، مَن يبتسم ويتمنَّى الديمومةَ والحب للأحبَّة…

أرى نَّهُ يومٌ ككلِّ الأيَّام، جميلٌ أن نُحييَه، فلا ضَيرَ من ذلك، فمَن يدري؟ قد يكون سببًا لمصالحة بينَ أحباب؟… فالأعيادُ تردُّنا أحيانًا إلى ذواتِنا وتذكِّرنا بوجوبِ التوقُّف ولو للحظات لمجرَّد التنفُّس وإلقاءِ نظرةٍ مُعيَّنة وربَّما مُختلفة على بعضِ الأمور، علمًا بأنَّ هنالك العديد من الذين لا يعرفون كيف يستفيدون من تلك اللحظات أو الوقفات…

للفئة التي لا تنتظر هذا اليوم للتَّعبير، فأنا أوافقها الرأي بأنَّ الحبّ إستمرارية وبأنَّه تفاعلٌ وإحساس وبأنَّهُ عيشٌ يومي وحوار مُستمرّ… قد يكون بين أي ثنائي أو في أيِّ علاقةٍ إنسانيَّة…

الحبُّ يبدأُ في عُمقِ الإنسان، في روحِه، في حُبِّه وقبولِه لذاتِه المجرَّدة من الأنانيَّة والتي تعرفُ كيف تنظر إلى الآخرين بعينِ الحبِّ تلك، الحبُّ لا يعرفُ المرارة بل الفرح والإحساس بالرِّضى، أكانَ وحيدًا أو في علاقة… الحبّ أسمى، يرفع، يبني، يُغذِّي، يُحوِّلُ الأمور من بشريَّة إلى إلهيَّة، يجعل الروح تُحلِّقُ إلى أبعادٍ تعجزُ التعابير والمصطلحاتِ عن وصفهِ…

لمَن ينتظر هذا اليوم للتَّعبير، فليفعل… لمَن لا يعني لهُ أيَّ شيء لأنَّهُ يعتبرُ نفسهُ يحياه كلَّ يومٍ مع شريكه، فهذا حسنٌ… لمَن ينتظر هذا العيد ليقولَ بأنَّهُ عيدٌ كنسيٌّ بَحت، فليفعل ولكن عُذرًا منه، أينَ الخطأ في أن نحتفلَ بالحبّ، عطيَّة الخالق للإنسان؟… حبَّذا، فقط لو نعرف قيمتهُ ونحياه على حسبِ التَّقديس الذي منحهُ الله لهذا السر، لَعَبقَ عبيرُ الحبِّ في أرجاءِ المعمورة ولَما انحرفَ إنسانٌ نقصًا في الحبّ…

  ١٤ /٢ /٢٠٢٢

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *