إليها…

Views: 275

د. جان توما

تصبحُ الأمُ الرحيلَ كلَّه.لا تَلْقى أولادَها حولَها، بل تَجِدُهَا هي سورهُم والأمان.

لا خوفَ عندها ومعها، بل إلفةٌ وسكينة. مهما قَسَتِ الأيامُ تبقى شرايينُ يديها نافرةً أملًا وانفراجًا.

إنْ غَفَوُت َوهي قربُكَ،  تغفو الأحلامُ في جوارِكَ، وإن جِعْتَ، وهي بِجانِبِكَ، يكفيكَ رغيفُ وسمكتان في رِحلة عُمْرِك. إن اشتقتَ، وهي في بالِكَ، ترتفعُ يدُها إلى كتفيكَ فتشعرُ بالدفءِ وحرارةِ اللقاء. إن تُهْتَ في الدربِ، وهي معك، تصبحُ هي الطريقَ والسبيلَ، فإن عَطِشْتَ فَجَّرَ اللهُ بصلاتِها ماءَ بئر ٍلا تَنْضَبْ.

كلُّ خطوةٍ،وهي بجانبكَ، بَرَكَةٌ وافدةٌ من لَدُنِ السماء، وكلُّ مسيرةٍ لن تلقاها ناجحةً ما لم يكنِ الرضا مُتّكَأَ لكَ لترتاحَ من تكاليفِ الحياةِ وصعوباتِ العمر.

غدًا حين يعبرُ الوجهُ الذي كان لكَ رغيفَ خبزٍ في نهارِكَ، وقوسَ قُزَحَ أحلامٍ في ليلِكَ ستجدُ طَعَمَ الخُبزِ تبدّلَ، وأنَّ قوسَ القزحَ بَهَتَتْ ألوانُهُ، وَسَتَجِدُ أنّ العالمِ ما عادَ يكفيكَ إذ كانَتْ أمُّكَ، في كلِّ يومٍ من أيامِكَ تختصرُ العالمَ كلَّه.

 ***

*اللوحة للفنان حبيب ياغي

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *