الثورة الجزائرية في الشعر العربي بين الأيديولوجيا والشعرية (2)

Views: 53

إبراهيم مشارة

(الجزائر)

 

شعراء سوريا يشكلون لوحدهم ديوانا شعريا في الإشادة بالثورة الجزائرية وفي تمجيد صناعها سواء أكانوا شعراء عموديين أم تفعيليين.

الثورة الجزائريةالمنزع القومي يتسيد بين من كتبوا للجزائر

 

2-شعراء سوريا

وشعراء سوريا هم أيضا يشكلون ديوان شعريا لوحدهم في الإشادة بالثورة الجزائرية وفي تمجيد صناعها سواء أكانوا شعراء عموديين أم تفعيليين وواحد منهم قومي المنزع اتخذ من ثورة الجزائر رسالته الشعرية والحياتية معا ولاغرو فالقومية لا تفرق بين الأوطان العربية وحيثما ينتفض شعب عربي يكون الشاعر القومي في نفس الخندق ولو بالكلمة والرسالة الفنية ولقد أحس الشاعر سليمان العيسى (1921/2013) بقصوره في مواكبة الحدث الثوري وكأن الكلمة لا تكفي فاعتذر للجزائر عن ذلك :

ألف عذر يا ساحة المجد يـــــــا

أرضي التي لم أضمها يا جزائر

بيديك المصير فاقتلعي ا لليـــــــ

ل وصوغيه دافق النور بــــــاهر

وفي شعر سليمان العيسى شعرية لا تخفى واستلهام للتاريخ العربي والإسلامي وهدوء واتزان عاطفي وصور فنية مبتكرة وصدق في التجربة الشعرية فهو الشاعر الملتزم بغير ضوضاء أو اتخاذ الموقف ذريعة إلى الوجاهة والذيوع وحتى زوجته السيدة ملكة أبيض اندغمت معه في النضال مع الجزائر فهي مترجمة الروائي الجزائري مالك حداد إلى العربية وهو الروائي الذي كتب بالفرنسية ليقول للفرنسيين بأنه ليس فرنسيا وأعلن أن الفرنسية هي منفاه وهكذا يتحد الزوجان في الهم العربي من خلال القضية الجزائرية وقد كان الزوجان يستضيفان حداد في بيتهما بدمشق.

ويأتي في طليعة شعراء سوريا المساندين للكفاح الجزائري والمتحمسين له الشاعر الكبير نزار قباني (1923/1998) شاعر الانطلاق والحب وشاعر المرأة كما يلقب هذا الشاعر الجرئ الذي هز الخيمة العربية واقتلعها على العرب من أوتادها وألقى بها في الهواء حين تجرأ على مناقشة معنى الرجولة والحياء والأنوثة وأمعن في الحديث عن المتعة بشبقية وفي رسم خارطة الجسد الأنثوي وتضاريسه واتكأ على معجم شعري حديث لا يهمل الحواس الخمس وهي تقتنص الجسد النسائي وتمعن في تصويره والتشهي بالحديث عن متع المرأة وحميمياتها، هذا الشاعر الذي نعى على الحكام فيما بعد بغيهم وركونهم إلى الدعة ومساندة الغرب الظالم  حفاظا على كراسيهم منذ “هوامش على دفتر النكسة” إلى أن تساءل في شيء أقرب إلى اليأس “متى يعلنون موت العرب”؟ يتخذ هو كذلك من جميلة ثيمة شعرية فقد غدت المرأة مضمارا شعريا لكل جواد مقوال  يقول نزار:

الاسم جميلة بوحيرد

رقم الزنزانة تسعون

في السجن الحربي بوهران

والعمر اثنان وعشرون

عينان كقنديلي معبد

والشعر العربي الأسود

كالصيف

كشلال الأحزان

تاريخ ترويه بلادي

يحفظه بعدي أولادي

تاريخ امرأة من وطني

جلدت مقصلة الجلاد

امرأة دوخت الشمسا

جرحت أبعاد الأبعاد

ثائرة من جبال الأطلس

يذكرها الليلك والأطلس

يذكرها زهر الكباد

ما أصغر جان دارك فرنسا

في جانب جان دارك بلادي!

فالعينان والشعر الأسود الغجري الذي يسافر في الدنيا كما تغنى بنعومته وسواده نزار عاد هنا رمزا للعربية السمراء المناضلة والتاريخ تتناسل أمجاده وبطولاته ولا يفل الحديد إلا الحديد وما أصغر جان دارك فرنسا بالقياس إلى جان دارك الجزائر، فالشاعر يعلن انتسابه من خلال النسبة إلى الجزائر “بلادي” وهو المنزع القومي الذي صدرت عنه النصوص العربية في غالبيتها المشيدة بهذه الثورة العظيمة.

***

*ميدل إيست أونلاين

(leankitchenco.com/)

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *