لِمن نكتُبُ الشِعرَ يا أبي؟!
ميراي شحاده حداد
هذي أبيات لشاعر الكورة الخضراء، الذي من أجله وبفضله أقفُ هنا اليوم بينكمُ
وإنّني، صِدقاً لم أجدْ أعمق وأحنّ شدوًا لأكرّمَ به الشعرَ والشعراء وأستهلَّ كلمتي وأُطرِبَ مسامعَ من لم يتعرَّف إلى هذا الشّادي الغرّيد الذي هو أبي!
مساء الحبِّ الذي يُمطر في ربوعكم شعراً لازورديّاً، ربوعِ بيت الشباب والثقافة، في أحضان بلدية زوق مكايل.
ليلةٌ تنبلج فيها أنوارُ نافذةِ الزوق على العالم أجمع وتحلّقُ من ههنا جائزةُ، بودلير لبنان ، الكبير الياس أبو شبكة…
ليلةُ مجيدة بفرسانِ الشعر الآتين على صهوةِ قوافيهم ، وصهيلُها يسبِق وقع مزاميرهم!
وأنا معكم ،هذا البلبل الصغير في سرب النسور أرتقي!
ميراي:
لمن نكتب الشعر يا أبي؟!
ألعاقلٍ مدنَفٍ، أدمن في حبره الجنونَ
ولحكمة القلب لم يهتدِ؟
ألملّاحٍ مبحِرٍ في الّسنا، أفقه رَحِبِ المدى
قد أعياه موجُ الرصدِ…
لمن نكتب الشعر يا أبي؟!
لهائم يصبُّ الريحَ في الكؤوسِ
وبخمر الحبِّ لم ينتشِ..؟
مُقفرَةٌ أطلالُه، فارغةٌ من أجيج الوَردِ
ودمٌ شهيٌّ افترَّ من الوُرُدِ …
أ للعذارى نكتبُ في روابي عطرها
أجبني يا أبي!
واللّيل قد خان الشفاهَ في غلالة السُهد…
أنكتب لنُحيلَ الأوهدةَ إلى قممِ؟؟
ونرمّمَ خفق أفئدةٍ مثخنةٍ بالنُدبِ؟
ليتيمٍ تحنو عليه أزاهيرُ حرفٍ
كانت له أمٌّ، تبكيه اليومَ من الّلحدِ!
ألِظمئ في العِشقِ لم يرتوِ
صدِأت أمانيهِ في وحشة الجسدِ
أنكتبُ لوطنٍ التُهِمَت أفراحُه
ما بين نابٍ وناب
وَخبت في ربيعه الشمسُ ولم تَعُدِ
أبي:
يا روحاً انثلمت ما بين النار والنور
ويا رجعَ أصداء ودويّ أسرارٍ
على شفا الوجودِ
مملكةُ الشعر ليست من هذي الدنى
إنّها من عُلو وسُموّ يا ابنتي
بها ننزف، نرتقي ونهتدي…
الشاعر إله في سماواتِ مرتعه
من ضلع قصيدته كوناً يُنجبُ
ويطوي آخرًا
بين صدرٍ وعجزٍ مترمّدِ…
الشّاعرُ يُحيي من مات
يشدُّ خيوط الدربِ من البُعدِ
يؤذّن، يكفُرُ، ولا يهابُ
رسنَ التاريخ ولا دوائرَ المجدِ
نكتُب الشِعر لنطوف كعبةَ الشرفِ
نُداسُ كثيراً على جلجلة الحبِّ
من فرطِ شوقٍ وأمدِ.
نكتُب الشِعر لنبقى أحراراً يا ابنتي
نكتُب الشِعر لنبقى أطفالاً
نبكي، نشيخُ في براءة المهدِ!
***
*ألقيت في احتفال “بيت الشباب والثقافة” في بلدية زوق مكايل باليوم العالمي للشعر، عبر تكريم المنتديات الثقافية وإطلاق جائزة الياس أبو شبكة والشعار الجديد “زوق مكايل نافذة على الثقافة”، مساء الخميس 24 آذار 2022.
