دَهرِي

Views: 132

 مُورِيس وَدِيع النَجَّار

 

دَهرِي… وإِن جارَت عَلَيَّ رَحاكَ في العُمرِ العَصِيبِ

ولَقِيتُ مِن ظُلمِ الأَنامِ، ومِن خِداعِهِمِ المُرِيبِ

ورَزَحتُ تَحتَ سَنابِكِ الأَدواءِ في الزَّمَنِ الغَضُوبِ

وتَراكَمَت فِيَّ الغُضُونُ، على وِشاحٍ مِن قُطُوبِ

وعَيِيتُ حَتَّى رَقَّ مِن عَجْزٍ، ومِن أَسَفٍ، طَبِيبِي

فَقَضَى بِما يَرمِي الفُؤادَ بِغُصَّةِ القَدَرِ الرَّهِيبِ

سَأَظَلُّ سَوسَنَةَ الحُقُولِ، وفِتنَةَ المَرْجِ العَشِيبِ

وأَرُوحُ أنشُرُ طَيِّبَ الأَرَجِ الزَّكِيِّ على دُرُوبِي

أَنا ما خُلِقتُ لِكَي أَمُرَّ ولَيسَ مِن أَثَرٍ عَجِيبِ

أَو كَالغَمامَةِ ما ازدَهَت، دُحِرَت على كَرِّ الهُبُوبِ

ما كُنتُ يَومًا، مُذْ شَبَبتُ، سِوى إِلى السَّعيِ الدَّؤُوبِ

أُغنِي، على مَرِّ الثَّوانِي، مَعقِلَ الأَدَبِ الرَّحِيبِ

وأَسِيرُ ما عَلِقَت بِأَذيالِي سِوى بِيْضِ الذُّنُوبِ

قَلبِي رَقِيبِي، والضَّمِيرُ، على رَهافَتِهِ، حَسِيبِي

أَنا كُنتُ كَي أُلقِي على الوَرَقِ الظَّمِيءِ سَنا طُيُوبِي

في أَحرُفٍ سَكِرَ المِدادُ بِها على نَغَمٍ طَرُوبِ

مِن رِعشَةِ الوَتَرِ المُرِنِّ، ومِن صُداحِ العَندَلِيبِ

ومَدَى قَوافٍ في طَراوَتِها نَدَى النَّسَمِ الرَّطِيبِ

حَفَلَت بِها الأَلوانُ جُلْنارًا على شَفَقِ المَغِيبِ

فَتَمُوجُ في الأَلَقِ الشَّهِيِّ، رُؤًى على النَّسْجِ القَشِيبِ

فِيها سَرائِرُ ما انطَوَت إِلَّا على هَمْسِ النَّسِيبِ،

بَوْحِ الضَّمائِرِ إِذ تَناغَمَتِ القُلُوبُ مَعَ القُلُوبِ

وَجَوَى اللِّحاظِ وَضامَها مَرْأَى الدَّلالِ مِنَ الحَبِيبِ

فَغَدَت هُيامًا تَكتَوِي الأَجفانُ فِيهِ على لَهِيبِ

بِالطِّيبِ أَنقُشُ رُقعَتِي، فَيَفُوحُ في الكَلِماتِ طِيْبِي

وَتَكادُ تُزْهِرُ فَالرِّقاعُ خَمائِلُ الرَّوْضِ الخَصِيبِ

خَدَرٌ قَوافٍ صُغتُها، كَالخَمرِ أَمعَنَ في الدَّبِيبِ

سَيْفٌ شَهَرتُ بِوَجهِ أَقدارٍ تَمادَت في الخُطُوبِ

وَرَفَعتُها كَأسًا تُرَنِّحُنِي على وَقْعِ المَشِيبِ

لَن أَنثَنِي عَنها وَلَن يُفضِي الخَيالُ إِلى نُضُوبِ

فَيَراعَتِي غَمَّستُها بِدَمِي، وأَوهانِ الشُّحُوبِ

فَتَناثَرَت في الشِّعْرِ آهاتٍ على طِرْسٍ خَضِيبِ

لا لَن يَعُودَ لِغِمْدِهِ قَلَمِي، وتَغمُرَنِي كُرُوبِي

حَتَّى تَجِفَّ ذُبالَتِي، وَيَغُورَ في صَدرِي وَجِيبِي

وَيُفَكَّ أَسْرُ حُشاشَتِي مِن سِجنِها القاسِي الجَدِيبِ

فَأَسِيرُ في رَكْبِ النِّداءِ، مَعَ النَّحِيبِ، إِلى الغُيُوبِ!

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *