حلب وثلاثة قرونٍ وأكثر على ولادة المطبعة العربيَّة الأُولى في الشرق (1705)

Views: 16

  د. جوزيف الياس كحّالة ([1]) – باريس

 

كانت حلب منارةً للثقافة والعلوم، ومركزاً للإبداع. وقد قصدها كبار الفلاسفة والعلماء، لينهلوا من علوم مدارسها. نذكر منهم على سبيل المثال: الفارابي، وابن عربي، والسهروردي الذي مات ودُفن فيها. كما أنجبت حلب كبار الشعراء وعلماء اللغة والمبدعين، أمثال: أبو فراس الحمدانيّ، وجرمانُس فرحات، وعبد الله زاخر الذي يُعدُّ أبا المطبعة العربيَّة الأُولى في الشرق ومُبدعها.

وقبل الخوض في هذا الموضوع، لا بدَّ من عَرضِ بعض التعاريف الهامَّة بغيةَ فهم الأحداث التاريخيَّة التي أدَّت إلى ظهور المطبعة العربيَّة الأُولى في حلب، عنَينا:

1- النهضة الفكريَّة في القرن السابع عشر.

2- البطريرك أثناسيوس دبَّاس.

3- عبد الله زاخر.

النهضة الفكريَّة في القرن السَّابع عشر

كانت حلب، أوّل مدينة في الشرق العربيّ المسيحيّ يدخلها المـــُرسَلون اليسوعيُّون في 2 آب 1625، وأوّلهم الأبوان جان ستيلا وغسبار مانيلييه. وكان معظم المسيحيِّين فيها من الروم الأرثوذكس (حوالى عشرة آلاف)، والأرمن الأرثوذكس (حوالى تسعة آلاف)، والسريان اليعاقبة (حوالى ستَّة آلاف). أمَّا الباقون فكانوا من النساطرة والموارنة الذين تبعوا وحدَهم الكرسيَّ الرسوليّ، وكانوا أقلّيَّة لا أسقفَ لها. أمّا كنيسة الروم، فكان على رأسها المطران ملاتيوس كرمة الحمويّ الذي عُرف عنه تقرُّبُه من كرسيِّ روما.

إنّ الأثر الأكبر الذي حمله المـــُرسَلون معهم إلى حلب هو الثقافة الأوربيَّة، والمدارس التي أقاموها إلى جوار أديرتهم، وكان ذلك، في الواقع، العنصر الهامَّ الذي حرَّك المجتمع فكريّاً. لكنّ هذا لا يعني أنّ حلب كانت تنام على بساط من الجمود والخمول الفكريَّين، بل كانت ثمّة مدارس تعلّم القراءة والكتابة. ولكنّ دخول المرسلين بطرائق تعليميَّة جديدة حوَّل أنظار الحلبيّين إليهم.

وفي هذا السياق كانت حركة الترجمة ناشطة قبل دخول المرسلين إلى حلب. ففي أيلول السنة 1612، أنهى المطران ملاتيوس كرمة ترجمة كتاب تيبيكون القدِّيس سابا، وكتاب الليتُرجيّات الثلاث، وكتاب الستيشيرايون. لكن، مع دخول المرسلين المدينة، تعاظم نشاط هذه الحركة، وخاصّة من اللغتين الإيطاليَّة والفرنسيَّة، إلى اللغة العربيَّة، وذلك لأنّ هؤلاء المرسلين كانت تعوزهم العربيَّة وكانوا لا يجيدونها. وعلى الرغم من تعلّمهم لغة الضاد، كانوا لا يجيدون قواعدها وتصريف أفعالها على نحو جيِّد. ولعلَّ هذا يخالف ما ذكرته د. ليلى الصبّاغ في كتابها “الجاليات الأوربيَّة في بلاد الشام في العهد العثمانيّ – ج2، ص882″، حيث تقول: “كانوا يتكلّمون العربيَّة ويعرفون قواعدها ودقائقها، كالأب فرُوماج والأب نو”.. وما اعتماد الأب بطرس فرُوماج اليسوعيّ على عبد الله زاخر، لتصحيح ترجماته إلى العربيَّة إلاّ تأكيدٌ لما رمينا إليه.

وعلى صعيد النسخ، فقد كانت حركته ناشطة أيضاً في ذاك القرن. وإنّ هذا ما يدلّ على اهتمام الحلبيّين بالكتب والمكتبات. ففي السنة 1626، نرى الشمّاس أستفازادور الأرمنيّ ينسخ كتاب الفوائد، على أمر من رئيس أساقفة حلب، المطران خوكاز. وفي السنة 1632، نسخَ المذكورُ كتاب الأناجيل بطلب من بدروس جلبي، وعلى نفقته. كما نسخَ في السنة 1637 كتاب مسك الدفاتر بطلب من الكاهن دير أوهانس أفنديوغلو بحلب. وفي السنة 1651، نسخَ كتاب الأناجيل بطلب من الأب فرنسيس، وكتاب الفرض الإلهيّ بطلب من الأب آكوب الحلبيّ. وفي السنة 1661، نسخَ كتاب الطقوس بطلب من مركار عربكير، وكتاباً آخَر للطقوس بطلب من آكوب أورفلي. وفي السنة 1665، نسخ كتاب القدّاس بطلب من سليمان الحلبيّ.

أما في السنة 1666 فقد نسخَ البطريرك أندراوس أخيجان السريانيّ كتابَ الليترُجيّات الثلاث. وبعد عامين نسخَ جملة نوافير بالسريانيَّة والكلدانيَّة. وفي السنة 1670، نسخَ كتاب جنّاز الموتى في مدينة حلب، فيما نسخَ الشمّاس أستفازادور كتابَ قوانين الرُسُل، وأتبعَه في السنة 1672 بنَسخ كتاب الطقوس للأب أوهانس.

وفي السنة 1678، نسخ الراهب السريانيّ رزق الله قسّيس كتاب التراتيل، فيما نسخ سفرشاه السريانيّ كتابَ البيتكاز في 16 حزيران 1684.

نلمس ممّا تقدّم، نموّ حركة التأليف مع نهاية القرن السابع عشر، ويعود أهمّ أسبابها إلى الانفتاح الفكريّ على الغرب الأوربيّ، وخاصّةً فرنسا، التي كان لها الدور المعرفيّ الكبير، بواسطة قناصلها المقيمين في حلب، ورهبانها المرسلين. أمّا السبب الثاني، فهو تزايد عدد النسّاخ والكتب المنسوخة، ما زاد من عدد القرّاء وفتح عقولهم نحو التأليف. وفي طليعة المؤلّفين باللغة العربيَّة، الشمّاس أستفازادور الأرمنيّ، الذي بدأ بوضع كتاب الطقوس، ولم ينتهِ منه بسبب تقدّمه في العمر. ثمّ مكرديج الكسيح الأرمنيّ، الذي ألّف السنة 1690، كتاب ظلّ الكمال في تثقيف الأعمال. أمّا الخوري يوحنّا بن زندا الحلبيّ، فقد ألّف كتاب الناموس الشريف والمصحف العالي المنيف في الحقّ القانونيّ. وهو ليس في النواحي الدِينيَّة فحسب، بل يشمل معظم الأمور الحياتيَّة.

أمّا في ميدان الفكر، فقد أعطاه المرسلون دفعاً بواسطة مدارسهم، وطرائق التعليم فيها. والتي كان هدفها الأوّل، خلق جيل جديد واعٍ للعلوم والمعرفة. وكما رأينا، فقد ساعدوا كثيراً في ترجمة عدد كبير من الكتب إلى لغة الضاد، من الفرنسيَّة أو الإيطاليَّة، أو حتّى اللاتينيَّة. وهذا لم يكن وارداً من ذي قبل. إذ إنّ معظم الترجمات التي كانت تتمّ في السابق، كانت إمّا من اليونانيَّة أو السريانيَّة، ومعظمها كان في الليتُرجيّا.

 

البطريرك أثناسيوس دبّاس 

هو بولس الدبّاس المولود في دمشق السنة 1647. وهو سليل عائلة كهنوتيَّة، خدمت الكنيسة طوال سنوات كثيرة. تتلمذ على الآباء اليسوعيّين بدمشق. ثمّ رحل إلى دير القدِّيس سابا في فلسطين، حيث ترهّب، وتمكّن من عِلم اللاهوت والروحانيّات. بعدها أُقيم رئيساً لدير الروم في بيت لحم، حيث تعرّف إلى الآباء الفرنسيسكان، فقامت له معهم صداقة قويَّة.

الدبّاس أسقفاً لحلب وبطريركاً لأنطاكية

نُصب الدبّاس في 25 حزيران 1685 بطريركاً لأنطاكية، لينافس البطريرك كيرلّس الخامس الزعيم. لكنّه اضطرّ إلى التنازل عن الكرسيّ البطريركيّ لكيرلّس الخامس السنة 1694، محتفظاً لنفسه بأسقفيَّة حلب، على أن يوقّع “البطريرك الأنطاكيّ سابقاً”. وكذلك احتفظ لنفسه بحقّ البطريركيَّة في حال وفاة كيرلّس الخامس قبله. وفعلاً، هذا ما جرى السنة 1720، عند وفاة كيرلّس الخامس الزعيم. حيث تسلّم مرّة ثانية أثناسيوس دبّاس مقاليد الكرسيّ البطريركيّ الأنطاكيّ، حتّى وفاته السنة 1724.

بعد استقرار أثناسيوس نهائيّاً في حلب، ساءت أحواله المادّيَّة، بتخلّي الجميع عنه. كما ساءت أحوال الحلبيّين مادّيّاً، وذلك بسبب الغلاء الشديد الذي ضرب البلاد. فقرّر أثناسيوس، إثر ذلك، التوجّه إلى بلاد الفلاخ (رومانيا الحاليَّة). فغادر حلب في شهر آذار السنة 1700، متوجّهاً إلى بوخارست عاصمة البلاد، حيث نزل ضيفاً على أميرها يوحنّا قسطنطين، الذي تكرّم عليه بطبع عدد من الكتب الدِينيَّة باللغة العربيَّة على نفقته الخاصّة. كما أنّه حمّله تبرّعات من بلاده إلى أبرشيّته بحلب. أمّا الكتب التي طبعها له فهي:

1- الكتاب المقدَّس بكامله.

2- كتاب القدّاسات الثلاثة الإلهيَّة.

3- كتاب السواعي.

وقد عُرف عن البطريرك أثناسيوس أنّه كان رَجل عِلم ومعرفة، وصاحب مؤلّفات عديدة، وترجمات من اللغة اليونانيَّة إلى العربيَّة. وكان يتقن عدّة لغات أجنبيَّة.

 

عبد الله زاخر

هو عبد الله ابن زخريّا وأبركسيا. ينحدر أصل عائلته من مدينة حماة الواقعة في وسط سورية. ويعرف نسب عائلته “بالصائغ” وذلك لممارستهم مهنة الصياغة. له أخ يُدعى سمعان زاخر. أمّا ابن عمّه، فهو نيقولا الصائغ، المشهور بديوانه الشعريّ.

كان عبد الله زاخر حادّ الذكاء والفطنة. ففي سنّ مبكّرة، تعلّم صنعة الصياغة، وصنعة النقش. أمّا علومه فقد تلقّاها عن يد الشيخ سليمان النحويّ، أسوة بأصدقائه: مكرديج الكسيح، وجرمانُس فرحات ومكسيموس حكيم… كذلك برع في الرسم. وله بعض اللوحات المحفوظة في أديار لبنان، منها رسمه الخاصّ، ورسم ابن عمّه نيقولا الصائغ.

إنّ حدّة ذكاء عبد الله زاخر، دفعت البطريرك أثناسيوس دبّاس إلى اختياره كي يلقي الدروس اللاهوتيَّة على شمامسته. وقد قام بهذه المهمّة ومثيلاتها مدّة عشر سنوات. كذلك فقد كانت له علاقة حميمة مع الآباء المرسلين، الذين بعثوا بدَورهم رسالةً إلى مجمع الإيمان بروما، يمدحون فيها عبد الله زاخر، فقامت روما بدعوته ليكون مستشاراً في المجمع المقدَّس. لكنّ الزاخر رفض هذه الدعوة، وفضّل البقاء في الشرق خدمةً لبلده. (https://fujifilm-x.com/)

أمّا المضمار الذي برع فيه الزاخر، فهو الكتابة. وقد ترك عدداً لا يُستهان به من المؤلّفات اللاهوتيَّة والفلسفيَّة والجدليَّة. كما أنّ له عدداً من الرسائل والترجمات من اللغات الأوربيَّة إلى العربيَّة. علماً أنّ هذه الترجمات هي ضبط لغويّ لترجمات قام المرسلون الأوربيّون بنقلها من لغاتهم إلى اللغة العربيَّة، ومن ثمّ تابعها الزاخر لغويّاً فجاءت وكأنّها من فعله. لكنّ أهمّ ما برع فيه عبد الله زاخر هو فنّ الطباعة.

الطباعة ومطبعة حلب

كان الشرق العربيّ سبّاقاً إلى ابتكار أحرف الكتابة. وهذا الابتكار أدّى إلى ولادة شبه مطبعة لطبع الأوامر الملكيَّة الرسميَّة، حوالى ألف عام قبل الميلاد. وقد عثر علماء الآثار على هذه المطبعة في مدينة بابل. وهي قوالب ذات حروف ناتئة، توضع على الآجرّ الطري، ثمّ يطبخ الآجرّ في الفرن فتبرزُ الحروف والكتابة، كأنّها مطبوعة.

وتتوالى العصور، ونصل إلى العام 1490 للميلاد حيث ظهر أوّل كتاب يُطبع في الشرق، وبالتحديد، في الآستانة. لكنّ هذا الكتاب كان مطبوعاً بالحرف العبريّ لا العربيّ. ثمّ نصل إلى العام 1610، فنجد دير مار قزحيّا يصدر من مطبعته كتاب المزامير باللغتين العربيَّة والسريانيَّة، بحرف سريانيّ، أو ما يُسمّى بالحرف الكرشونيّ.

وما إن أطلّ القرن الثامن عشر، حتّى قام البطريرك أثناسيوس دبّاس بزيارة إلى بلاد الفلاخ. ومعظم المؤرّخين يعتقدون أنّ أميرها يوحنّا قسطنطين أهداه مطبعةً بحروف عربيَّة، فجلبَها معه إلى حلب، وأوكلَ أمرها إلى عبد الله زاخر وأخيه. وثمَّةَ مَن يقول إنّ البطريرك دبّاس جلب معه المطبعة، وإنّ عبد الله زاخر صنع لها أمّهات حروفها.

ويذهب العلاّمة شنورر إلى القول إنّ حروف مطبعة حلب هي عينها حروف مطبعة بوخارست عاصمة رومانيا الحاليَّة، وإنّ البطريرك دبّاس قد أتى بها إلى حلب. لكنّ هذا القول مرفوض، لأنّ ثمّة اختلافاً كبيراً بين حروف مطبعة حلب وحروف مطبعة بوخارست، فالأُولى خشنة وغليظة. أمّا الثانية فهي ناعمة وأنيقة. وقد أكّد ذلك المستشرق دوساسي.

أمّا نحن فنقول إنّ البطريرك دبّاس اطّلع خلال زيارته إلى بلاد الفلاخ (رومانيا) على المطبعة وآلاتها وكيفيَّة تشغيلها لكنّه لم يجلبها معه إلى حلب. وعند وصوله إليها اجتمع بعبد الله زاخر، وسرد عليه ما شاهدته عيناه من تطوّر فنّ الطباعة بشكل عامّ، ومطبعة بوخارست بشكل خاصّ. وعبد الله زاخر، بحدّة ذكائه ومخيّلته الواسعة ومعرفته بصنعة الصياغة، ابتكر أوّل مطبعة عربيَّة في الشرق. وهذا ما يؤكّده لنا تلميذه يواكيم مطران، في مخطوط حياة عبد الله زاخر.

ومن جهة أُخرى، إذا صدق أنّ البطريرك دبّاس أتى بالمطبعة إلى حلب، فلماذا لم يأتِ بحروفها أيضاً؟ فالأصحّ إذًا أنّ صاحب فكرة إنشاء المطبعة، ومالكها، هو البطريرك دبّاس. أمّا مبتكرها ومصمّم حروفها وآلاتها فهو عبد الله زاخر. ولذلك، نُسبت إلى البطريرك. وهذا، باعتقادنا، أقرب إلى الواقع منه إلى الافتراضات السابقة.

وأيّاً يكن الأمر، وبعد حوالى عام من التهيئة والعمل، بدأت مطبعة حلب بطبع باكورة أعمالها في السنة 1706: كتاب المزامير، الذي ترجمه عبد الله الأنطاكي. ثمّ كتاب المنتخب من مقالات القدِّيس يوحنّا فم الذهب، الذي ترجمه عن اليونانيَّة البطريرك أثناسيوس دبّاس. والسنة 1708 طُبع كتاب النبوءات الشريف. وكذلك كتاب من الإنجيل المقدَّس لكلّ أعياد السنة، وفيه تفاسير في آخِر كلّ فصل، لعبد الله بن الفضل الأنطاكي. والسنة 1711، طُبع فيه كتاب عظات أثناسيوس بطريرك أورشليم. كذلك في السنة عينها، طبُع كتاب المعزّي، وهو من الكتب الطقسيَّة المعروفة. وبعد هذا التاريخ لم نعثر على كتب طُبعت في مطبعة حلب، إلى أن نصل إلى العام 1721، حيث ظهرت طبعة كتاب صخرة الشكّ، وهو كتاب ينفي تعاليم كنيسة روما، نقله إلى العربيَّة البطريرك أثناسيوس دبّاس. فيكون بذلك مجموع الكتب التي طُبعت بمطبعة حلب ثمانية كتب ثمّ توقّفت بعدها عن العمل.

ثمّة سؤال يطرحه الجميع: ما حلّ بهذه المطبعة، وإلى أيّ مصير آلت؟

بعد رحيل عبد الله زاخر عن حلب إلى جبال لبنان، السنة 1722، ثمّ وفاة البطريرك أثناسيوس دبّاس العام 1724، اعتلى الكرسي البطريركيّ الأنطاكيّ سلفسترُس القبرصيّ. ولمـــّا حضر إلى حلب في السنة 1725، أمر بتشغيل مطبعة سلفه البطريرك دبّاس، وطبع عليها كتاب القنداق بالعربيَّة. لكنّه لم يستطع الإقامة بحلب لظرف ما فأمر بنقل المطبعة إلى بيروت.. فكانت المطبعة المنقولة نواة لمطبعة مار جرجس الأرثوذكسيَّة في بيروت. ثمّ انطمرت في انطوش بيروت الأرثوذكسيّ، في أثناء سقوط كنيسة الروم الأرثوذكس في بيروت، بتاريخ 26 شباط 1766. وهذا ما يؤكّده لنا العلاّمة المطران نيوفيطُس إدلبي، في كتابه عن أساقفة الروم الملكيّين.. ص118.

 

حلب في الذكرى

وإنّه لممّا يثلج الصدر أن تتنبّه حلب الشهباء إلى هذه الذكرى، ولو ببعض من جهود فرديَّة. فقد قرأتُ مؤخَّراً في مجلّة “الضاد” الحلبيَّة، حزيران 2005، عن معرض توثيقيّ بعنوان “ثلاثة قرون على ولادة المطبعة العربيَّة في الشرق” أطلقه الباحث القنصل حسين عصمت المدرّس، وضمّ كتباً تاريخيَّة كانت نتاج هذه المطبعة، إضافةً إلى شروح وصور تؤرّخ الحدث وتظهره للعيان. كما أرسل إليّ صديق صورة عن مقال كان نشره الأستاذ محمود فاخوري في جريدة “الجمـاهير” (العدد 11325، 29/6/2003) بعنوان “أوّل مطبعة في حلب”، وربّما تصدّت للمناسبة أيضاً جهود وأقلام لم يتسنّ لي الاطّلاع عليها.

كانت حلب منارة الثقافة والعلوم ومركز الإبداع، كما قلنا، بدايةً. ولعلّها اليوم تنظّم صفوفها في هذا الشأن وتوحّد الجهود لتظهر إبداعاتها في الشرق وأفضالها على حركته الفكريَّة. ولن تكون خطوة التنويه بمطبعتها الأُولى والزاخر، في أفياء المناسبة، سوى واحدة من خطوات كثيرة ننتظرها.

*** 

المصادر والمراجع

1- إدلبي، نيوفيطس، أساقفة الروم الملكيّين بحلب في العصر الحديث، حلب 1983.

2- الملاذي، سهيل، الطباعة والصحافة في حلب، دار يعرب للدراسات، دمشق 1996.

3- شيخو، لويس، تاريخ فنّ الطباعة في الشرق، دار المشرق، طبعة ثانية، بيروت 1995.

4- عانوتي، أسامة، الحركة الأدبيَّة في بلاد الشام خلال القرن الثامن عشر، منشورات الجامعة اللبنانيَّة – بيروت 1971.

5- زيدان، جرجي، تاريخ آداب اللغة العربيَّة، الجزء الرابع، منشورات دار مكتبة الحياة – بيروت 1983.

6- مجلّة المسرّة، المجلّدان (4) و(34).

7- مجلّة حياة وعمل، العددان (9) و(10).

8- KAHALE, Joseph, Abdallah Zakher, son époque, sa vie, ses oeuvres, Paris 2000.

9- KAHALE, Joseph, Introduction à I’Histoire de la congrégation des pères Choueirites, édition Alteredit, Paris 2001.

10- NASRALLAH, Joseph, Histoire du mouvement littéraire dans I’Eglise Melchite du Vème au XXème siècle, Louvain 1989.

11- مخطوط حريصا رقم 208/3، مختصر حياة عبد الله زاخر، بقلم يواكيم مطران.  

 

[1] وُلِد الدكتور جوزيف الياس كحّالة بحلب العام 1958. أتمّ دراسته بين حلب، ولبنان، وإيطاليا، وفرنسا، التي يُقيم فيها منذ العام 1984. تخصّص في الفلسفة العربيَّة المسيحيَّة في العصر الذهبيّ للإسلام. تخصّص في فلسفة التصوّف الإسلاميّ. تخصّص في تاريخ الكنيسة الملكيَّة الأنطاكيَّة.

له باللغة الفرنسيَّة: 1- التصوّف وكبار مشايخه (باريس- عدّة طبعات) 2- التصوّف والحبّ الإلهيّ (باريس 2002). 3- عبد الله زاخر، فيلسوف ولاهوتيّ (باريس 2000). 4- تاريخ بطاركة أنطاكية الملكيّين منذ العام 1724 (باريس 2000). 5- مدخل إلى تاريخ الرهبانيَّة الشويريَّة (باريس، عدّة طبعات).

وله باللغة العربيَّة: 1- عبد الله زاخر مبتكر المطبعة العربيَّة (دار مركز الإنماء الحضاريّ، حلب 2002). 2- التصوّف الإسلاميّ، تاريخ وأعلام (دار إشبيلية للدراسات والنشر، دمشق 2003). 3- التصوّف الإسلاميّ، مصادر وأعلام (دار إشبيلية للدراسات والنشر، دمشق 2005). هذا بالإضافة إلى أكثر من نصف دزينة من الكتب الرَّصينة الصَّادرة عن دار نعمان للثَّقافة.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *