الحاصِل

Views: 126

 جبرايل مدوّر

 

“الحاصل” عبارة يستخدمها اللبنانيون في نهاية “خبريّة” طويلة من أجل استخلاص زبدة الحديث وإيصاله الى من يُوجَّه إليه الكلام.

تحوّلت هذه العبارة الى هاجس بالنسبة الى القوى السياسية والاحزاب والتيارات وحتى الأفراد والناخبين، بعد صدور قانون الانتخابات على قاعدة النسبية.

باتت الهموم الانتخابية تتمحور حول هذه العبارة، فمن استطاع إثبات الحاصل في دائرته الانتخابية تحوّلت إليه أنظار الطامحين الى تشكيل اللوائح الانتخابية.

“الحاصل”، إن النسبية المعتمدة جاءت نَسَبيّة أي أنها نُسِبت لدى إعداد القانون الى أشخاص معينين أو قوى معنية لم يكن باستطاعتها الفوز بالمقعد النيابي لولا هذه القاعدة. وبالتالي تمّ فبركة أحكام القانون لكي تكون ملائمة للذين أيقنوا قبل وضع القانون أنهم يستطيعون تأمين الحاصل فجاء القانون على قاعدة غبّ الطلب و”سيري فعين الله ترعاكِ”.

غير أن النظام الأكثري في الانتخابات لا يزال يعشعش في عقول الناس لا سيّما من يهوى منهم “التشطيب” أي اختيار لائحة معينة وحذف المرشح الذي لا يرغبون بالتصويت له.

تتململ الناس من قاعدة الصوت التفضيلي لأنها اعتادت أن تستخدم حقّها بالتفضيل، في ظل النظام الأكثري بممارسة شطب المرشحين على لوائح يرغبون في التصويت لها، فيمارسون التفضيل بالشطب وليس بالإختيار.

حتى أن بعض الناخبين يعبّرون جهارًا عن استيائهم من قاعدة الصوت التفضيلي، لا سيما الملتزمين منهم والمؤيدين لأحزاب ولتيارات فيعلنون امتعاضهم بالنسبة الى التحالفات وتركيب اللوائح التي ذهبت إليها أحزابهم أو تياراتهم في تشكيل اللوائح الانتخابية المحكومة قبل كل شيء بال”حاصل”. حتى أن العديد من الناخبين يرددون: “يا خَيّي أنا بَدّي صوّت للائحة بَس فلان مش عاجبني ويا ريت فِيّي إشطبو”.

الحاصل، تكراراً، ترغب الناس في ممارسة حقها في التشطيب قبل ممارسة حقها في التفضيل.

وبالنسبة الى الحديث عن التغيير، تقول الآية الكريمة “إن الله لا يغيّر  بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم” (الرعد ١١)، وطالما أننا لم نغيّر ما بأنفسنا فلا تغيير.

والسلام.

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *