رابوعاتُ التعليم

Views: 427

حمزة منصور

إنطلاقًا من معرفتِنا للدورِ الذي يؤديه  المعلمون في تحضير  البلاد ونقلها من حالٍ إلى حال أرقى وأكثر تحضرًا ،كما نلاحظ ذلك في بلاد كثيرة بالعالم وتحديدًا بلاد العالم الأوروبي.

وانطلاقًا من قناعتنا بأن  التعليم ليس هو فقط “المفتاح لتأمين الوظائف  بقدر ما هو المفتاح لتحقيق  التنمية الثقافية  والسياسية والاجتماعية لضمان تأسيس وتجيهز المواطنين  بالقدر  الكافي لتمكينهم  من القيادة  على المستويات  المحلية والوطنية”.

وانطلاقًا من محدودية دور ومفهوم المعلم ووظيفته في بلدنا وما نتج عن ذلك من تجميد أو إيقاف  لدور حقيقي فعال للمعلم يتخطى حدود تخريج أجيال  تصلح لاستلام وظائف حدودها الشأن الخاص  دون الإلتفات للشأن  العام. 

وانطلاقًا من معاناتنا من تردي التعليم في كافة مراحله  من مرحلة رياض  الأطفال  حتى المرحلة الجامعية.وانطلاقًا من قناعتنا بمدى الدور الذي تؤديه *حداثة المناهج*   والدور الذي يؤديه إعداد معلمين قادرين على المرور بيسرٍ من داخل مناهج حداثوية إلى داخل  الصروح التعليمية (روضات،ابتدائي،ثانوي،جامعي) لخلق متعلمين يخرجون  بالعلم من دائرة أهداف الوظيفة أو الوجاهة الاجتماعية  إلى حدود بناء الأوطان،كان هذا المقال، رسالة إلى وزير التربية،والتربويين المعنيين، بصفتهم الجهة القادرة على العمل على صهر  كل عناصر التعلم  المذكورة أعلاه ،تعليم ما قبل الجامعي،الجامعي والمناهج ،(مجلس الخدمة) إمتحانات  اختيار  المعلمين، في سبيل  إعادة إصلاح هذه الأركان الأربعة إذا ما أردنا أرضًا خصبة للتحضر.

نعم هي رسالة مقال لوزير التربية خصوصًا في هذه الأوقات التي تشهد مناقشة الإطار الوطني لصياغة المناهج  والتي من المفترض ،وبعد أن توافق عليها الجهات التربوية والسياسية  المسؤولة والمعنية ،إحالتها إلى مجلس الوزراء للموافقة عليها والبدء بعدئذٍ بالعمل الميداني مع كل مادة وداخلها من قبل اللجان المتخصصة.

تتوزع أشكال الإصلاح على المستويات الآتية:

1- الإصلاح على مستوى المراحل:

أ-مرحلة رياض الأطفال: من  سن الخامسة إلى سن الثامنة.” ليس المطلوب تعليمهم القراءة والكتابة  بل يتعلمون  تطوير قدراتهم  الإجتماعية وإيلاء الإهتمام للمعلم. حيث تتضمن طرق التدريس القصص والتعلم باللعِب والأنشطة الحركية”. التقييم  يكون بمراقبة تطور الطفل وليس بالدرجات الرقمية.

ب- المرحلة الابتدائية:من الثامنة إلى الرابعة عشرة.

“يكون التعلم بتحفيز بيئات اللعب.”

فتشمل مناهج هذه المرحلة إضافة إلى المواد العلمية،والأدبية،  واللغات،الأخلاق ،

والموسيقى، والفن،والتربية البدنية.

يكتسب الطفل هنا أساس الكفاءة الاجتماعية من خلال أشكال التعلم المختلفة كالتعلم النشط،التعلم بالاكتشاف،التعلم  المستقل”.أيضًا التقويم هنا يقوم على تقدير الآداء وليس الدرجات الرقمية.

ج-المرحلة الثانوية: ” المناهج هنا ترتكز  على التعليم العملي (تعزيز المسؤولية الذاتية،المبادرة الشخصية،حل المشكلات،العمل بشكل فردي أو جماعي ). وتشمل المواد التعليمية ،إلى جانب المواد العلمية والأدبية ،،مواد الإقتصاد  المنزلي، التوجيه والإعداد المهني.”

تشمل طرق التدريس ،العمل الجماعي،المشروعات، التعلم التعاوني وحل المشكلات ،العمل المستقل،البحث عن المعلومات وتوظيفها،إستخدام  تكنولوجيا  المعلومات والاتصالات.

التقييم هنا يكون من خلال مقاييس وليس من خلال الدرجات  الرقمية.

د-التعليم الجامعي:  فيشمل شتى *الاختصاصات اللصيقة   المواكبة  لسوق العمل  وحاجة البلد* .التقويم يكون بالإمتحانات،  الأبحاث، مناقشة رسائل البحث،الاختبار المستمر للمعارف على مدار السنة.

وبناءً على ما أوردناه ، فإنّ ما نقترحه  في موضوع هذه  المناهج  ضرورة إدخال مادة الفلسفة في الصف الثانوي الأول ،لتصبح في كامل المرحلة الثانوية وما  يعني ذلك من إدخال قيم الفلسفة وآليات التفكير الفلسفي  والأهداف القائمة على  التحليل والمٌحاجة  والنقد ،والتعبير عن الرأي،وتقبل الرأي الآخر، والحوار.

أما  في  ما خص مراحل ما قبل الثانوي فنكتفي  بتقديم  مادة الفلسفة مدمجة  مع مواد تعليمية محددة من خلال كفايات تتضمن  القيم والمهارات الفلسفية المطلوبة.

2-أما لجهة  الإصلاح في الجامعة اللبنانية:  فالمواد الدراسيةالتخصصية  جيدة فيها. ما يقف عقبة هو عدم دعم الدولة لها والذي يكون بأشكال  مختلفة أولها وضع معايير للأستاذ الجامعي  من خلال آلية التباري تمامًا كما يحصل بالتعليم ما قبل الجامعي،هذا يوقف التدخلات والتعيينات  الحزبية ويعزز تخريج طلاب لديهم إمكانات كبيرة. مع دعم الدولة المالي وانشاء  المختبرات والمكتبات  والفروع في كل  المحافظات وشتى الشهادات  من الإجازة وحتى الدكتوراه،  أي عدم حصر الدراسات  العليا بالفروع الرئيسة.

3-وعلى مستوى إصلاح نظام وآلية التباري التي يعتمدها مجلس الخدمة المدنية  منذ بداءة تأسيسه  ولحد الآن.

مجلس الخدمة ينفذ مراسيم وقوانين  السلطات التنفيذية والتشريعية.

آلية مجلس الخدمة في امتحان المعلمين  تشبه  آلية الإمتحانات الرسمية المعدة  والمعتمدة  لتقويم الطالب  طوال مرحلة تعليمية،وهي تصلح لإعطاء تقويم جامعي وليس تقويم  إعداد معلمين ،والحجة هي المواد الجامعية المعتمدة كموضوعات في  إمتحانات تباري هذا المجلس.

البديل أن يصار إلى تعديل في آليات التباري بإضافة  الإختبار الشفهي ،واختبار القدرة على شرح درس وإيصال الأهداف ،واختبار القدرات النفسية ،إلى جانب تمتع المتباري بالعديد  من القيم الأخلاقية التي تجعل من التعليم مهنة وطنية بامتياز قبل أن تكون مهنة وظيفية.مع ضرورة أن يملك المتباري “الرغبة” في التعليم وليس ضرورة الوظيفة.

وبعد الإختبار تكون مرحلة كلية التربية والتي عليها إعداد المعلمين وتهيئتهم  *للرسالة التعليمية* من خلال مواد دراسية علمية ونفسية واجتماعية تُقَوم بأبحاث  تخضع للمناقشة .

4- نختم بالإصلاح على مستوى المناهج:  وكما أشرنا  أعلاه،  فالتعليم  ليس هدفه التوظيف بقدر ما هو تحقيق التنمية  الثقافية  والسياسية والاجتماعية لضمان تأسيس وتجهيز مواطنين لتمكينهم  من القيادة في شتى المستويات وهذا من الطبيعي لن يتحقق إلا بتوفير مناهج علموية  وطنية تبتعد عن التلقين  والحفظ  وتعتمد  بناء معلمين قادرين على المرور بيسرٍ من داخل تلك المناهج إلى ساحات العمل والبناء والقيادة. 

 مناهجِ  يكون هدفها تكوين المواطنِ.

١-على المستوى الفكريِّ والإنسانيِّ.

٢-على المستوى  الاجتماعيِّ.

٣-بناءُ شخصيةِ  الفردِ.

٤-على المستوى الوطنيِّ.

إذًا فالأهداف تكمن في تحقيق الكفايات المرجوة،تحقيق مهارات القرن الحادي والعشرين ،التفكير الذاتي ،التفكير الإبداعي ،  التفكير الحر، التوليف والتحليل ،الإبداع.

وختامًا هلْ  إدخالُ  مادةِ الفلسفةِ في كلِّ مراحلِ الدراسةِ والتعليمِ يساعدُ في تحقيقِ أهدافِ التعليمِ ؟

قدْ يظن بعضهم منْ غيرِ ذوي الاختصاصِ  أنْ طرحنِا  هذا غيرُ موضوعيٍّ فكيفِ نطلبُ إدخالَ مادةِ الفلسفةِ على  متعلمي  مراحل الحلقات  الثلاث؟

الإجابةُ واضحةٌ :لكلِّ مرحلةٍ فلسفتُها والإعتمادُ  يكونُ على تعلمِ طرقِ التفكيرِ  ،تعلمِ التفلسفِ  وليسِ حفظُ نظرياتِ الفلاسفة.

 هذه المداميك  الأربعة هي أعمدة بناء صرح تربوي قادر على أن يرفع فوقه وطنًا  بكامله    ليشاهد  من أعلى  وعن قرب   غيوم التحضر وليكن بمقدوره  أن يُسخرها  إكسيرًا   لتوليد الحياة …قولاً وفعلاً.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *