الحلقة السادسة والعشرون من رواية “بَحر” لـ كابي دعبول

Views: 474

 

*”للصخور أسماء في الضيعة التي أبصرت فيها النور” (أمين معلوف-كتاب “صخرة طانيوس”)

 

يجلس حنا على صخرته المرتفعة فوق مياه البحر. يتأمّل الشاطئ الصخري وتراكض الأمواج باتجاه الشاطئ. يفرح، يحزن، يبتسم، يبكي، ناظرًا الى الأفق البعيد، يشكو همومه الى البحر، طالبًا منه الإتيان بأمل جديد يطفو على أمواجه المتراكضة نحوه. حتى بات لحنا مع صخرته عشرة وطول رفقة أمّنتا له ملاذًا آمنًا لمراجعة الذات والتأمّل. إن أحداث هذه الرواية وشخصياتها من نسج الخيال حتى ولو تشابهت الأماكن والأسماء، غير أن صخرة حنا تبقى الاستعارة الحقيقية الوحيدة الراسخة  في هذه الرواية، إذ كم من أمكنة تركنا فيها شيئًا من ذاتنا، مهما ابتعدنا عنها تبقى الملاذ الوحيد لذكرياتنا بحلوها ومرّها…

كابي

(٢٦)

 

وصل حنا الى داره وعانق ولده طويلاً، وشدّ على يديّ زوجته التي قالت له: “بشِّر يا حنا”.

– لقد حصلتُ على عمل في العاصمة يا أمّ بحر.

– وستسكن هناك. ما بالك لا تجبني هل تعلم ماذا فعلت بنا ليلة غيابك عن الدار؟

– لو تعلمين أنت ماذا فعلت بي. لم أشعر بفرحة حصولي على العمل وعلى الأجر الممتاز. أحسستبالغربة تتسلل الى كياني، قلقت ولم أعرف النوم. ولكن علينا أن نُكمل المسيرة يا أم بحر.

لازمت أمّ بحر صمتها. ومن ثم ابتسمت لحنا قائلة: أوفاك الله تعبك يا حنا وسدَّد خطاك. نعم علينا أننكمل المسيرة.

توجه حنا الى صخرته على الشاطئ وراح يتأمل البحر والأفق. أحسّ أن أيامه مع صديقه باتت معدودة،فنزلت الدموع من عينيه وكان يقول في داخله: من أين سأحظى بصديق مثلك في العاصمة؟

بعد ذلك قصد حنا منزل أخيه وأخبره بالمستجدات التي جاء بها من العاصمة.

– ستنتقل للعمل في العاصمة يا حنا؟

– إذا أراد الله لي ذلك.

– وكم سيكون أجرك؟

– سيكون ضعف أجري الحالي مع الاستفادة من تقديمات الضمان الاجتماعي.

– “كويس”. ولكنني لا أرى الفرحة على وجهك؟

– أنا خائف من الشعور بالغربة هناك. فالعاصمة ليست كالمدينة القريبة منا.

– ومتى ستبدأ العمل؟

– خلال شهر على الأكثر. أوصيك بعائلتي يا أخي فأنا سأكون بعيدًا عنها. أوصيك ببحر.

– توصيني بعائلتك!! هل أنت ذاهب من دون عودة يا حنا؟

– لا أحد يعلم ماذا يخبّئ له المستقبل. أرجوك.

– لا تقلق يا حنا فعائلتك هي عائلتي. ولا تنسى تسديد الإيجار فأنا لي في ذمتك بدل شهرين.

– لن أنسى يا أخي.

(يتبع غدًا)

***

(إن أحداث هذه الرواية وشخصياتها من نسج الخيال حتى ولو تشابهت الأماكن والأسماء)

 

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *