المطرب محمد غازي (1922-1979) الصوت العذب الذي غنى مع فيروز الموشحات الأندلسية

Views: 1028

سليمان بختي

المطرب والملحن والعازف محمد غازي (1922-1979) فنان من فلسطين سطع نجمه في بيروت في الإذاعة اللبنانية ومع الأخوين رحباني. وأوكل إليه الأخوان تعليم فيروز غناء الموشحات والادوار وشاركها غناء الموشحات. كما شارك كارم محمود في غناء “زرياب”. و شارك ايضا المطربة نور الهدى. قامة غنائية من زمن الكبار. 

ولد محمد غازي واسمه الأصلي عبد العزيز حسين أبو شاويش عام 1922 في بيت دجن، يافا، وسط أسرة محافظة.

كان الولد الوحيد وسط ست شقيقات.

درس في كتّاب الشيخ مصطفى عباس اللغة العربية والقرآن الكريم قبل أن ينتقل إلى مدرسة بيت دجن الابتدائية.

نال شهادته الثانوية من مدارس يافا العامة. وهناك بدأت تظهر إشارات تميزه ونبوغه وحدسه الموسيقي اللامع وصوته الاستثنائي العذب.

 

في مطالع الأربعينات سافر غازي الى قبرص ودرس هناك الموسيقى وأصول الاداء والغناء.

عاد من قبرص ليعمل في إذاعة “هنا القدس”.  وسافر الى القاهرة قبل نكبة فلسطين لينجز هناك عددا من الأدوار والموشحات منها :” جاءت بقلب مظلم” و”إنت فاهم” لزكريا أحمد و”همسات نفسي أيقظت أحلامي”. كما سجل رباعيات علي محمود طه “هاتها كأسا من الخمر”.

بعد نكبة فلسطين وصل إلى مخيم “عقبة جبر” ومنه إلى “جبل التاج” في عمان الأردن. ومنها قرر غازي الانتقال إلى بيروت والتحق برفيق دربه المخرج صبري الشريف ( 1922-1999 ) الذي قدمه بدوره إلى الأخوين رحباني.

أعجب الأخوان رحباني بصوته وثقافته وطلبا إليه تدريب فيروز على غناء الأدوار والموشحات وشاركها في غناء  موشحات “يا وحيد الغيد  ” وهو من الشعر القديم و” يا شادي الألحان” لسيد درويش. و”يا غصن نقا مكللا بالذهب/ أفديك من الردى بأمي وابي” لأبو خليل قباني. وإستكمل الموشح الأخوان رحباني ببيتين جديدين:” والله لقد سمعت في ألأسفار / عن ساحرة تهيم بالأوتار/ والله لقد سمعت من مبسمها / طيب الغزل ورقة الأشعار”.

وبصوته العذب كان محمد غازي يتسلم القرار من فيروز ليأتي جوابه “مكللا بالذهب”. وغنى صولو قصيدة “حجبوها عن الرياح” لأبو العتاهية وتلحين الأخوين رحباني.

بقي مع الرحابنة من مطلع الخمسينات حتى أوائل الستينات. كما غنى أيضا موشح “ما إحتيالي ” في مسلسل “من يوم ليوم”. وجمعت اغانيه في أسطوانة “أندلسيات”.

عام 1955 وجهت له إذاعة صوت العرب دعوة مع مجموعة من الفنانين اللبنانيين وهناك وقع عقدا مع أحمد سعيد (مدير المحطة) لتقديم أغان وأناشيد. ومن تلك الأعمال نذكر : “الفؤاد ليله ونهاره” (لحن زكريا أحمد). ودور “يا منتى وحشني” (لحن محمد عثمان ) و”يا حلو قوللي” و”أنا عشقت ألأيام” وموشح “ناعم الخد المورد” وموشح “بين الدلال والغضب” وغيرها. وسجل أيضا أغاني للأرض وفلسطين مثل قصيدة “هذه أرضي، وهذا بلدي” (للشاعر الفلسطيني هارون هاشم رشيد). وأنشودة “دعا وطني فكنت له الجوابا” وأنشودة “الشباب العرب”.

عام 1960 شارك محمد غازي مع عدد من من رفاق الدرب في الفن والموسيقى والغناء في تأسيس فرقة موسيقية أحيت حفلا موسيقيا غنائيا على المدرج الروماني في عمان، وفي هذا الحفل صدحت الموشحات والغناء العربي الأصيل. 

 

غنى محمد غازي دويتو مع حورية حسن في “اسكتش مجنون ليلى ” ومع زكية حمدان في سكتش “الحب والربيع” ومع نور الهدى “دروب الحب ” و”ساحر جلب  الصبا” . ونشيد لفلسطين بعنوان “قالوا لنا” وغنى موشح “ما حيلتي بهواها” و”مليح ناعس الطرف” و”يا حادي العيس” و”هلت لياليك” و”هاج الحنين” و”علمني الورد” و”طيف حبيبي” و”أحن إليك ” و”أقبل الظبي” و”يا حلوة الثغر” و”يا حياة الروح” وأحلى ليالي العمر” و”كلما لاموا فؤادي” و”العيون السود” و”طاب كأس الراح” و”قصيدة لبنان” والموشح الجميل “إسق العطاش” من ألحان توفيق الباشا. كما تعاون مع توفيق الباشا في غناء قصائد من التراث العربي من العصر الجاهلي حتى العصر العباسي. وغنى بعض الأناشيد والأدعية الإسلامية مثل:” نهج الهدى” و”يا ارحم الراحمين” و”الفطر عيد الصائمين” و”رمضان شهر الهدى” و”يا كعبة الحق القويم”. 

في 13  نيسان 1975 اشتعلت الحرب في لبنان فتوارى محمد غازي عن الأنظار منزويا في غرفة في بيت في إحدى ضواحي بيروت حتى أسلم الروح عام 1979عن 57 عاما. رحل وحيدا، لم يتزوج ولم يترك خلفه سوى إرث فني عظيم ومئات الأغاني والألحان. كما أصر أن تكون شاهدة قبره متوجهة نحو يافا. 

قال عنه الناقد الياس سحاب “إنه مطرب كبير بقيمة عالية”. وقالت الفنانة وأستاذة الموسيقى عايدة شلهوب إنه ” من أهم الذين تركوا بصمة مهمة في الفن اللبناني في منتصف القرن العشرين . مطرب عظيم وخلوق وكان لي الشرف أن أغني من ألحانه”. أما الفنان أحمد قعبور فقال :” كان صديقا لوالدي، محمد غازي شياكة في الغناء والملبس والحديث”. وتذكر المطربة رونزا :” دعاني الأخوان رحباني أنا ووالدي إلى المكتب واخبرونا أنهم يرغبون بتعيين أستاذ لي يعلمني الموسيقى والغناء، وفعلا كان هذا الأستاذ محمد غازي. والذي يعتبره الأخوان رحباني أهم مؤدي للطرب الشرقي. وقبل ان يكون أستاذي كان أستاذ “الست فيروز” في الأدوار والموشحات”. أما منجد صبري الشريف فيقول:” كان صديقا لوالدي والى جانب موهبته الطربية هناك ثقافته الموسوعية ودقة معرفته. كان لديه خطوط حمر في حياته ومسلكه وغنائه”. 

في مئوية ولادته يستحق محمد غازي التحية وإعادة اكتشاف الصوت والدور والتراث، هو الذي يغني الموشح والدور والقصيدة ويضيف إلى عذوبة الصوت ما يفيض من عذوبة الروح. 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *