الحلقة الرابعة والثلاثون من رواية “بَحر” لـ كابي دعبول

Views: 426

 

*”للصخور أسماء في الضيعة التي أبصرت فيها النور” (أمين معلوف-كتاب “صخرة طانيوس”)

 

 

يجلس حنا على صخرته المرتفعة فوق مياه البحر. يتأمّل الشاطئ الصخري وتراكض الأمواج باتجاه الشاطئ. يفرح، يحزن، يبتسم، يبكي، ناظرًا الى الأفق البعيد، يشكو همومه الى البحر، طالبًا منه الإتيان بأمل جديد يطفو على أمواجه المتراكضة نحوه. حتى بات لحنا مع صخرته عشرة وطول رفقة أمّنتا له ملاذًا آمنًا لمراجعة الذات والتأمّل. إن أحداث هذه الرواية وشخصياتها من نسج الخيال حتى ولو تشابهت الأماكن والأسماء، غير أن صخرة حنا تبقى الاستعارة الحقيقية الوحيدة الراسخة  في هذه الرواية، إذ كم من أمكنة تركنا فيها شيئًا من ذاتنا، مهما ابتعدنا عنها تبقى الملاذ الوحيد لذكرياتنا بحلوها ومرّها…

كابي

 

(٣٤)

 

في مكتب مدير المطبعة كان حنا يحاول إيجاد الكلمات التي كانت تخونه فيتعثّر في الجواب على أسئِلةالمدير.

-لم تُجِبني بَعد يا حنا.

-الحقيقة يا استاذ قبل اختيار الجامعة هناك أمر مهمّ جدًّا.

-ما هو.

-وضعي في العمل. فأنت تعلم أنني سأبلغ سن التقاعد هذه السنة. وكنت أطمع في كرمكم، فإذاسمحتم لي بالعمل بعد بلوغ سن التقاعد سأستطيع اتخاذ القرار المتعلق بدراسة بَحر الجامعية.

-أنت تعلم يا حنا أنه حتى في هذه الحالة لن تقوَى على تسديد أقساط الجامعات الخاصة، هذا مندون أن تنسى المصاريف التعليمية والكتب والمراجع العلمية والسكن.

-أسأل الله أن يُلهم بحرًا اختيار الجامعة الوطنية. فالتعليم فيها دون مقابل.

-ولكن يبقى السكن والمصاريف.

-سنتدبر أمرنا يا أستاذ.

-هل ستبيع عقارًا لتعلّمه.

-العقار الوحيد الذي أملكه هو داري في القرية ولا أستطيع بيعه فأنا أملكه مناصفةً مع أخي.

-إذًا لن يكون لك سوى دخلك من العمل في المطبعة.

-نعم يا أستاذ.

-حسنًا سأوصلك الى نصف المسافة. أما المسافة المتبقية الى الدراسة الجامعية فسيحدّدها بحر. سنبقيك في العمل بعد بلوغك سن التقاعد. وفي حال اختار ولدك الجامعة الوطنية سيكون الأمر علىما يُرام.

-شكرًا جزيلاً يا أستاذ. أطال الله في عمرك.

-اذهب وابحث الأمر مع بحر.

(يتبع غدًا)

***

 

*إن أحداث هذه الرواية وشخصياتها من نسج الخيال حتى ولو تشابهت الأماكن والأسماء.

 

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *