الحلقة السادسة والثلاثون من رواية “بَحر” لـ كابي دعبول

Views: 53

*”للصخور أسماء في الضيعة التي أبصرت فيها النور” (أمين معلوف-كتاب “صخرة طانيوس”)

 

يجلس حنا على صخرته المرتفعة فوق مياه البحر. يتأمّل الشاطئ الصخري وتراكض الأمواج باتجاه الشاطئ. يفرح، يحزن، يبتسم، يبكي، ناظرًا الى الأفق البعيد، يشكو همومه الى البحر، طالبًا منه الإتيان بأمل جديد يطفو على أمواجه المتراكضة نحوه. حتى بات لحنا مع صخرته عشرة وطول رفقة أمّنتا له ملاذًا آمنًا لمراجعة الذات والتأمّل. إن أحداث هذه الرواية وشخصياتها من نسج الخيال حتى ولو تشابهت الأماكن والأسماء، غير أن صخرة حنا تبقى الاستعارة الحقيقية الوحيدة الراسخة  في هذه الرواية، إذ كم من أمكنة تركنا فيها شيئًا من ذاتنا، مهما ابتعدنا عنها تبقى الملاذ الوحيد لذكرياتنا بحلوها ومرّها…

كابي

(٣٦)

 

في يومه الجامعي الأول التقى بحر بزملائه الطلّاب في براح الجامعة الكبير وتبادل الأحاديث معهم.

كان الطلاب يتحدثون عن المناطق التي جاؤوا منها والمدارس التي تلقوا فيها تعليمهم المدرسي. كان أغلبالطلاب من سكان العاصمة وضواحيها ومنهم من نزحت عائلاتهم منذ زمن بعيد باتجاه العاصمةوالضواحي.

الشعور الغريب الذي انتاب بحرًا في يومه الجامعي الاول هو تنبّه زملائه الى لكنته المناطقية وبعضالعبارات الغريبة عنهم. شعر بحر بأن الطلاب يحاولون إخفاء ضحكاتهم حين يتكلّم بلكنته المناطقية. فاختار التغاضي عن الأمر.

في المطبعة كان حنا ينتابه القلق على وحيده وراح يسأل عليًّا عن توقعاته بخصوص اليوم الجامعي الأول لبحر.

-“قَولَك كيف بدو يكون يَومُه الأوّل”.

-“يا حنا إبنك صار زَلمي وبطَّل وَلد حتى تخاف عليه”.

-لأول مرّة يترك فيها بحر القرية ويأتي الى العاصمة ليسكنها ويدرس فيها. في يومه الأول في المدرسة كنت معه حتى أنني دخلت معه الى الصف.

-ولِمَ لم تذهب معه الى صف الهندسة يا حنا؟ (يضحك)

-“لو فِيّي ما قَصَّرِت”.

-تركته وحيدًا كلَّ هذا العمر ورحتَ تعمل في العاصمة بعيدًا عن القرية لتوصِله الى ما وصل إليه الآن. دَعْهُ يشقّ طريقه بنفسه. (يضحك)

-أنا على نار وأنت تضحَك.

-في منطقتنا يقولون “العِميان إجَاهُن صَبي مْفَتَّح عِمْيوه بِالبَقبَشِه”. (يضحك)

-هل تعلم أن بَحرًا سيمضي ليلته الأولى خارج الدار.

-ليس وحيدًا يا حنا فهو يسكن في بيت للطلاب قرب الجامعة. لن يكون وحيدًا. لقد انتهت فرصةالطعام قُم بنا نعود الى العمل.

(يتبع غدًا)

***

*إن أحداث هذه الرواية وشخصياتها من نسج الخيال حتى ولو تشابهت الأماكن والأسماء.

 

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *