في التّجريب الصّحفيّ(6)

Views: 700

محمّد خريّف*

“طاح في البيروطلعوه” هكذا كان يعبر بعض “المثقفين والمتصحفين الجدد” عن سخريتهم مما أقوم به من تحبير صحفي ولا سيما في صفحة ” صدى المحاكم ” من جريدة الصباح وكان يشرف عليها الصحفي عبد القصيبي ولعلهم بهذا السلوك يلخصون موقفهم من الصحافة وجهلهم من جهلي بأن المجرّب الصّحفي عليه في مرحلة البدايات أن يمرّ بمختلف الاختصاصات ان وجدت اختصاصات بالفهوم العلمي للاختصاص، وقد كتبت بالفعل في المجتمع والرياضة والفن والزراعة والاقتصاد، وقد أفدت من التجربة المتواضعة بالسلب والإيجاب، قبل أن أقلع عنها نهائيا، وبلا عودة في وقت كان فيه اللا ئمون من بني قومي بالأمس ساخرين متفرجين فإذا بهم صاروا اليوم مراسلين جادّين أو قل كتبة مستكتبين يحبّرون دون حبرعادي أو صيني و بالمجّان و على صفحات الفايسبوك لاغير، ينقلون أخبار المجتمع بما فيها أخبار الموتي والضائعين، أو الحارقين المفقودين وغيرهم من أبناء السبيل وقد لايسمعهم أحد أولا يقرأ لهم أحد إلا خاصّة الخاصّة، ولعلهم واجدون في الفيسبوك ملاذا لهم أو منقذا لهم من آفة النسيان، وذلك مصير من تقاعد منهم ولم يكتسب من حياته هواية فجعلنا لهم من أنفسهم أوهاما يسكنون إليها  دون أن يتزوّجوها على سنة العقيدة والشّرع ، لذلك نراهم كتابا بلا كتب وفلاسفة بلا فلسفة،وماهم بلائمين أنفسهم وان كره الكارهون ولهم أن  يحبّوا على سنة اللاّهوت والزفروت فتكون ليلة قدر – يكون الفضل فيها لمهمّشين من زوافرية القوم ومنهم البراوطية والبطالون تصدّوا بصدورعارية  للرصاص بقسط حكم التحوّل الصُّلب المجيدالهش فأنفلتت من الحناجر والأفواه مايشبه الزوابع والتوابع والغارق يعلق في سبيبة ولو كان في قاع بير وتلك نعمة من نعم حرّية التعبيريمن بها الخالق على خلقه ولو كانوا من كتاب الحراسة وقد وجدوا في الفايس بوك حمارا قصيرا ولهم في شاشات البيزالمأجورة ما يساعدهم على نقل صخب المقاهي والحانات والفوّالات( والمعذرة لأيكو قد بشر بهم ورحل …) ولاحرمة للبيوت بعد اليوم والعصر غير العصر، وكل مافيها مشاع ( و المآكل الخاصة والملابس الخاصة تعرض للعموم فإذا بأغراض المدح والهجاء والفخروالمفاخرة وسبحان من يحيي فينا فانتزم العشيرة والقبيلة ونحن من دم برغوث اليكتروني نأخذ بالثأر وحصان عنترة فأريلعب والقط نشوان.

طلقة ريح

وهانحن لم نكد نصحو من سكرةالنشوة بعسل الفرززوحتى  انفجرت “طلقة ريح” لاندري أهي فوليّة  أم حمصيّة ولعلها لم “ريح صرصر” تأتي على الأخضر واليابس ،والخضراء متاعنا دائما خضراء واليابس يابس ليس منا ، ونذرف دموع الخنساء شماء على بساط الصحافة الورقيّة فتغدو سيلا يجرف ما تحت الساقين والصحافيون فلاحون بالحبيبية قرب ضفاف مجردة يهرعون جُدُدا قدامى أمواتا أحياء يعلقون علوق البق الأزرق بتلابيب صاحبة الجلالة تتحوّل بمعجزة الدراويش من حبريّة إلى أليكتروانية ولادخل لنا في تحوّلها وثباتها كل ما نعهده أن كنا نحلم بطلقة ريح غير نارية ولاشهادة لنا على شهيدة ( هكذا هزني الطمع في مقال “بغل البرويطة(نشر في القدس العربي” إبان الثورة المباركة عام 2011، فكانت هبة قلمي شبيهة بهبة بغلة جدي جافلة من حجر مقلاعه يخيف به أبي وهو ابنه البدري من شد’الخوف عليه وفجعان الذيب خير من قتلانه)  وبغلة جدي الدخلاوي مفجوعة لامقتولة  يركبها في الإثناء جماعة ربي في الوجود  ولعله كانوا راقدين في كهف الصخرة فأفاقوا وليتهم مافاقوا  في سباتهم رحمة وفي نهوضهم نقمة  هم عائدون  ولم يكونوا عندنا في الحسبان حفرنا قبورنا بأيدينا دافعنا عن حقهم في الحوار والنقاش وإذا بهم ينقلبون علينا فإذا بنا أعداء ربهم يثورون علينا بعدما ثرنا على غيرهم ، الحق معهم فنحن لا نستحق سوى جزاء سنمار فسجقا لنا ولأمثالنا وقد فرّصبية الهمذاني ولم يصيبوا عمامة أحد ولم يضعوا شاشية هذاعلى رأس ذاك ولا شاشية غير الكابوس الأسطنبولي تهبّ منه رائحة  زفتة تشبه في العائدة رائحة كريهة عطرة تذكر برائحة الريح المعكوس تطلق ظهر الجمعة نهار14 جانفي2011 والطلقة بركة والحركة حرقة،وللفرحة نكسة  والطلقة فلقة تغتال النسور ولا يبقى سوى نقيق الضفادع وطوق الياسمين  أسود  ولا ركن ركين.

شكري بلعيد صوت الحرية متجدّدا

 

…ويختلط الحابل بالنابل في ذهني المختال و نحن نعيش أياما قالت عنها الدقازة بلا “حاكم ولا محكوم”،وتلك من نعم عهد الأمان والبلد آمن بطبعها ولا أمين ولا مأمون ولا طاعة لأولي أمر منا كانوا لنا ولم يزالوا  بالمرصاد غفلنا عنهم  من زمان بوعنبة ولا خوف علينا من شرهم ولاهم يفرحون…. لكن سرعان مايغلق باب الأمل وحمل الجماعة ثقيل والعريس غلى رأسه ريشة ولا يدوم فرح بلا حزن..وتلك نعمة النكسة بل النكبة نجنيها يوم يرحل شكري بلعيد وغيره من ضحايا ظلام الفجروالدّجى مريض على شرفات المنازل يتماثل للشفاء، ونحن نقتفي أثر الفروض والسنن ونركع النكسة عذبة مرّة بعد الرّكشة والركشة ولافائدة من إطالة الحديث عن اللهو والسهو فالاستطراد ممل قد يفسد شره المتعة بما علق في الذاكرة من شتات التجريب الصحفي ومن علاماته عناوين تظل فاعلة في الذهن والقلب تعاملت ولا تزال مع محاولاتي المتواضعة في الكتابة دون خلفيات ولاحسابات ضيّقة.

****

فبعيدا عن جو الصحافة في تونس كانت لي بالمقابل مساهمات متواضعة في صحف ومجلات كانت تصدر خارج تونس حيث كانت لاتربطني بها الاصلة” النصّ”. هي صحف ومجلات محترمة ساهمت إلى حد كبير في التعريف في التعريف بكتاباتي مشيرة إلى أهميتها في وقت حكمت فيه بعض الصحف في الداخل على تجربتي  بالفشل والانخراط في كتابة الفوضى والخروج عن مسلك الكتابة الواضحة.

(يتبع..)

***

(*) كاتب من تونس 

 

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *