تحيّةٌ مُوَقَّعةٌ بنَبضِ القلب إلى كلِّ أبٍ في عيدِه

Views: 344

 الدكتور جورج شبلي

 

أيُّها الطّليقُ العقلِ، والحَيُّ الإحساس، والحرُّ الوِجدان، وجودُكَ دينارٌ منقوشٌ ورَزقَةٌ للدّنيا لم نكتشفْ من حُسنِها إلّا القليل. 

أنتَ تلاوةُ رسائلِ اللهِ تنسلُّ الى عتمةِ روحِنا لتصهرَ فيها نورَ الحقيقة.

أنتَ تَستخدمُ القلبَ لتعبرَ الى مطارحِنا، مُبدِياً وجهَ المودّة، فلم نَعثُرْ منكَ إلاّ على قُبلةٍ وابتسام، فحَلَفْنا ألّا نَخلِفَ لكَ وعداً.

أنتَ المولَعُ بالخدمةِ، لأنَّكَ فيها من البَرَرَةِ الأَتقياء، ما غالَطْتَ يوماً في تقديمِها، فهي معكَ صنيعةٌ تلقائيّةٌ نطمعُ بها مع عَجزِنا عنها، وكأنّكَ المعلِّمُ المُندَفِع الذي يُدركُ أنَّ المنفعةَ ممّا يَعرفُ تذهبُ للمُتَعَلِّمِ من دونِه، ويُسَرُّ.

أنتَ المَكدودُ على رجاءِ سلامتِنا، طالما الزمانُ زمانٌ، فنُبلُكَ الذي صارَ اليومَ تركيبةً نادرةً، هو السّلوكُ الكريمُ الذي يُنسَخُ عنه.

انتَ الهمَّةُ القاطِعةُ الى الطِباعٍ الوَقورةِ التي من حُسْنِ الشِّيَم، والتي لا تتضمَّنُ إلّا وجهاً واحداً وهو ذاك الهدوءُ الدالُّ على أنّ خصالاً راقيةً ليس أَقلَّها التواضعُ والصّدق، لها في نفسِكَ عمارات. 

أنتَ الغصنُ بِفواكِهَ كثيرةٍ، تُطلُّ على لُطفِ المَعشَر وطُهرِ الخُلق، إطلالةَ الثَّغرِ على الإبتِسام.

أنتَ من الذين يُصطادونَ في نهرِ القِيَم، لَطافةَ ذِهنٍ وطيبةٍ، وأنتَ بقيّةٌ من جيلِ الصّالحينَ الذين نُشِّئوا على الأُصول، فما بَدَّلوا تَبديلا. 

أنتَ في الناسِ من بينِ التُّحَفِ النّادرةِ المِثال، فأيُّ خَصلةٍ فيكَ يمكنُ عَكسُها، وأيُّ اندفاعٍ لَستَ من أهلِه ؟

أنتَ صِنوُ نفسِكَ، ومَمَرٌّ حَتميٌّ لِمَنْ لم يَستوفِ بعدُ زيارةَ مَعابدِ المحبّةِ للتَبَرُّكِ من أعتابِها.

أنتَ الحِسُّ الذي يَحملُ أَعباءَ القلبِ والعقل، ليكونَ إيماءةً خاطِفةً كالنّورِ تُفتَحُ العَينُ بهِ على مسافاتٍ متنوِّرةٍ من الرُّؤى.

أنتَ الذي لم يَفتَرِشِ البغضُ يوماً صدرَك، فعاطفتُكَ تراثٌ روحيٌّ، لغةٌ لا رموزَ فيها، فبينَها وبينَ قلبِكَ نَهدات.

أنتَ الذي يَرفعُ الإحترامُ له عقيرتَهُ، لأنكَ الخَجولُ على كِبَر، ومُناخٌ أخلاقيٌّ ترجحُ المحبةُ معكَ في الكَفّةِ بِما تظَلَّلَ قلبُكَ بِكَومِ القِيَمِ التي خَزَنْتَها في ذاتِكَ مبادئَ للأزمان.

أنتَ الذي جعلْتَ المحبَّةَ هي الأَذهَبَ في مسالكِ حياتِك، وكان التزامُكَ أن يكونَ قلبُكَ وعاءَ ودٍّ لها، وضميرُكَ وَقفاً على عهدِها.

أنتَ تعهَّدتنا برشيقِ الإهتمام، وزرعتَ فينا رموزَ التّسامي والمحبّةِ والإحساسِ بالخير، كما يَنفثُ الخَزّافون القدماءُ بِلُهاثِ أرواحِهم في الأواني الغاليةِ ليزيدوها جَمالاً وحياة.

أيّها الأب، مِنْ دونِكَ، دَعَونا بالفرحِ فلم تَقبَلْهُ نفسُنا.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *