علّمتهم الحياة
خليل الخوري
لبنان يبقى بخير ما بقيت فيه مساحة – واحة للفكر والثقافة… امس قصدتُ هذه الواحةَ الفوّاحة وسط صحراء السياسة القاحلة ، في امسية ثقافية رائعة وراءها كوكبة عزيزة على قلبي ، من سيدات ورجال الفكر المنير ، الذين «ارتكبوا» مغامرة الكتاب ، فأصدروا واحدا من المصنّفات المهمة حمل عنوان «علّمتنا الحياة» ، وهو كناية عن عصارة تجارب نخبة من الادباء والصحافيين والاعلاميين والمفكرين ، في كلمات واسطر معدودة . الزميل الصديق جورج طرابلسي وراء الفكرة، أمّا المشاركون فثلاثماية وخمسة وستون لبنانيا (على عدد أيام السنة) «جُمعت نصوصهم قبل انتشار جائحة كورونا». وأُصْدِرَ المصنّف عن منشورات منتدى «شاعر الكورة الخضراء عبدالله شحاده الثقافي»…
الشاعرة الأديبة المهندسة ميراي شحاده الحداد ، قالت في «معمودية الكلمة»: لم أكن ادري ان الحرف الذي كتبته يوما في معجم»علمتنا الحياة» والرحيق الذي نثرته في أبجدياته، ستحمله اليّ نسائم وهجه وأجيج بوحه ليرسو (…)في منتدى شاعر الكورة الخضراء».
المناسبة كانت رحبةً في المجالات كافة، وبين أجمل ما حفلت به، في تقديري، ان هكذا حفلا فكريا ما زال يستقطب، في وطننا المنكوب المعذب، حشدا كالذي غصّت به قاعة القصر البلدي في جديدة المتن. وهذا، في حد ذاته، انجاز في زمن الضغط الاقتصادي الضاغط، وقد التقيتُ مَن أقبلوا من مناطق بعيدة بالرغم من دوّامة أزمة المحروقات ندرةً وارتفاعَ أسعار.
ومن جميل المناسبة لقاؤنا بكثيرين من الأصدقاء الذين لم نلتقِهم من أمد.
واذ أضفتْ مقدّمةُ الحفل الرشيق الزميلة العزيزة ريما صيرفي قيمة على الأمسية، يبقى الأهم ان يقتدي أهل السياسة بالعنوان، على الأقل، فيتعلموا من الحياة، وبينهم المجرمون والتضليليون والمافيويون والميليشياويون واللصوص وجحافل المنافقين والكاذبين والفاسدين (…) .وأخشى أننا عبثاً ننادي !. لأنهم لم تعلمهم الحياة سوى الفساد والبيع والشراء في كل شيء، بما في ذلك الكرامة الوطنية، وسُلّم القِيَم والأخلاق.