الرحيل المفجع
خليل الخوري
فجر أمس فُجع الصديقان العزيزان بول رميا وعقيلته بيرت برحيل كريمتهما الغالية «برسّيلا» وهي في ريعان ربيع عمرها العشريني وزهوة صباها، في حادث سير مروّع، ليقطف الموت زهرة فوّاحة من حديقة الأخلاق والجمال والذكاء. نشّأ بول وبيرت ولديهما على مكارم الأخلاق والقِيَم والمودة، والانفتاح الاجتماعي، والاحترام…
من الوالدين، ومن عبق القداسة في البيت الجميل المعلق بين الأرض والسماء في أعالي الديمان، المشرف على المقر البطريركي ووادي القديسين (قنوبين)، تشبّعت فقيدة الشباب وشقيقها باولو عطراً روحانياً لا يعرفه إلَّا مَن يتنسّم أريجه في تلك الجبال الصامدة، أبداً، على مر الدهور والأجيال… وكانت بارّةً بوالديها، اللذين واجها ظروف هذه الحياة بالتصميم والإرادة وصفاء الإيمان، منذ أن ابتعد بول عن مهنة البحث عن المتاعب، لينصرف والعزيزة بيرت إلى العمل الحر.
مَن عرف، مثلي، عن قرب، هذه العيلة المتضامنة المؤمنة، التي ابتلاها الله تعالى بهذا الامتحان الكبير، يجد نفسه متضامناً معها في محنتها القاسية، ضارعاً إلى العلي القدير أن يمن عليها بالصبر والسلوان، وأن يحفظ الشاب الطليعي باولو من كل مكروه. ومن عرف الفقيدة الغالية لا يستطيع إلا أن يبكي، في رحيلها، ما كانت عليه من لطف وفهم وذكاء وبداهة وظُرَف، والجمال المزدوج في الشكل وفي الطويّة.
أيها الصديقان العزيزان جداً على قلبي، بول وبيرت، لا تجديكما الكلمات أثراً في تخفيف المصاب الأليم، وليس لكما سوى أن تعتصما بحبل الإيمان، والتعايش مع ذكرى فقيدتكما، فقيدة الشباب والأخلاق والجمال، وأن نصلي معاً لراحة نفسها الطاهرة، وهي التي سترافق خطواتكما من عليائها في جوار السيدة العذراء والقديسين…