بلد الأزمات المتناسلة

Views: 321

خليل الخوري  

يجوز الجزم بأن لبنان يمكن أن يدخل في كتاب «غينيس» للأرقام القياسية لاستيلاد الأزمات مستعصية الحلول… وفي علمنا، سنداً الى ما نعرف وما تابعنا طوال عقود، أنه ليس ثمة بلد أخر في المعمورة، في التاريخ القديم والحديث، وبينهما التاريخ الوسيط، عايش الأزمات واستولدها، بل وابتكرها (…) كما هي الحال في وطننا الصغير المعذّب.

نقول ابتكار الأزمات، ولولا العيب لقلنا «ابتداع» الأزمات.

في بلدان العالم، سيّان أكان بعضها أوّلَ أو ثانياً أو ثالث عشر، وأيّاً كان النظام فيها، يتضافرون، كلياً وكثيراً ما يوحّدون الجهود، بحثاً عن حلول، ويناضلون حتى الوصول إليها. أمّا نحن ففي عالم أخر كلّياً…

نحن نفتش عن العُقَد حتى حيث لا توجد، ونبرع في إيجادها. فأي حدث مهما كان بسيطاً، وأي حديث من مسؤول، وأي موقف من جهة أو فريق، وأي خطأ مقصوداً كان أو مصادفة الخ… نظلّ نقلّب فيه وننقّب الى أن نحوله الى مسألة. ثمّ نعكف على هذه المسألة لنذهب بها الى مدارج القضية، ونمضي في القضية الى ان تبلغ مدار الأزمة، ونواصل المماحكة والعبَث واللامسؤولية حتى ندخل بالأزمة الى زواريب المأزق… وتفضّل يا طويل العمر حلّها «اذا كان فيك تحل».

هذا دأبنا في كل شيء وفي كل أمر… ويزيد من خطورة المسألة أننا لا نبحث، مثل ما يفعل العقلاء، عن بوادر الحل، فقط نفتش، بالسراج والفتيلة، عن العراقيل والصعاب والتعقيدات، وكأن القيادات عندنا، في السلطة وخارجها، مجموعة من «المازوشيين» يستمرئون إنزال العذاب بأنفسهم حيناً والقهر أحياناً… وكأنهم، في آنٍ معاّ، يتحولون بسرعة فائقة الى «ساديين» يستطيبون إلحاق الأذى والقهر وسائر صنوف التعذيب بهذا الشعب الصابر، وقد ضاق الصبر بصبره.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *