طموحات الكرملين في مطلع الألفية الثالثة!!

Views: 6

د. إيلي جرجي الياس

 

*الحلقة السابعة من سلسلة القيادات الروسيّة والسوفياتيّة 1900-2022، رؤية تحليليّة واستراتيجيّة!! 

 

لا عائق سيقف أمام طموحات الكرملين، وسيّد الكرملين – قيصر الزمن الحاضر – الرئيس فلاديمير بوتين، مطلع الألفية الثالثة، سواء خلال الحرب الباردة الثانية 2000-2020، أو في زمن انتشار  الكورونا كوفيد 19، أو مع انطلاقة الحرب الباردة الثالثة بعد انحسار الكورونا كوفيد 19، والتي أعلن عنها في أكثر من مناسبة، رؤساء الاتّحاد الروسيّ والصين الشعبية والولايات المتّحدة الأميركية… خصوصاً في المجالات الاستراتيجية والمناطق الجيوستراتيجية التي تهمّ موسكو.

 

لا عودة أبداً إلى الوراء

في مفاهيم ومخطّطات الرئيس بوتين، لا عودة أبداً إلى الوراء، إلى أواخر سنين الاتّحاد السوفياتي، أو إلى المرحلة الدقيقة الفاصلة بين الحرب الباردة الأولى 1947-1991، والثانية 2000-2022، فليكن هذا الزمن زمنه: زمن الإنجازات والانتصارات!! إذاً لن تتوقّف الحرب الأوكرانية 2022، قبل تحقيق أهداف الكرملين كاملة!! “عشرون سنة 2000 – 2020 – خلال الحرب الباردة الثانية – بين المعسكر الشرقيّ بزعامة روسية – صينية مشتركة والمعسكر الغربيّ بزعامة الولايات المتّحدة الأميركية!! محطّات من المواجهات السياسية والاستخبارية تميل إلى السخونة أحياناً… وأبرز هذه المحطّات بالنسبة للمواقف الروسية الصامدة في خضمّ الصراع الروسيّ – الأميركيّ: لقد قرّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تعزيز وتمتين مكانة روسيا في المناطق التابعة سابقاً للاتحاد السوفياتي، سياسياً، وعسكرياً إذا اقتضت الحاجة، فالحرب الشيشانية الأولى 1994 – 1996 أدّت إلى استقلال فعليّ لا رسميّ لجمهورية الشيشان وانكفاء روسيا…

إلّا أنّ الرئيس فلاديمير بوتين قرّر حسم القضية لمصلحة روسيا، فكانت الحرب الشييشانية الثانية 1999 – 2009 !! في 23 أيلول 1999 أعلنت روسيا الحرب، ودفعت بنحو ثلاثين ألف جندي إلى الحدود الشيشانية، لتدخلها وتواصل تقدمها إلى غروزني التي وصلتها في اليوم الأول من عام 2000، أي بعد يوم واحد من تولي بوتين رئاسة البلاد إثر استقالة يلتسين. وهكذا بدأ الرئيس بوتين عهده، بقبضة حديدية في القوقاز!! وفي نهاية المطاف، تمكن المركز الفدرالي من حشد الدعم لمفتي الشيشان أحمد قديروف، والذي انتخب في ما بعد رئيساً لجمهورية الشيشان. اغتيل أحمد قديروف في 9 أيّار 2004، وقد بات ابنه رمزان لاحقاً، رئيساً للجمهورية الشيشانية، سنة 2007…

 

 

كلّ ذلك وسط حرب استخبارية ضروس بين الروس والمعارضة الشيشانية وخلفها خصوم موسكو!! لقد برهن النجاح الروسيّ في الشيشان، مع الرئيس بوتين، حجم القدرات العسكرية والإمكانيات الأمنية والاستخبارية الروسية، في مناطق الاتحاد السوفياتي السابق، بحيث بات يحسب لروسيا ألف حساب، من قبل الأميركيين والغربيين، في حال محاولتهم إثارة الاضطرابات في المناطق المحسوبة على روسيا، التي استعادت قدراتها الاستراتيجية مع الرئيس فلاديمير بوتين…

 تابع الرئيس بوتين خطّته الاستراتيجية، مدعوماً من الرئيس ميدفيديف… فتدخّل ضد جورجيا سنة 2008، وثبّت الاستقلال الذاتيّ لأوسيتيا الجنوبية وأبخازيا بحماية روسية!! وضمّ القرم إلى الاتحاد الروسيّ، بعد استفتاءٍ فيها، إثر مواجهة حاسمة مع أوكرانيا، سنة 2014!! وتدخّل إثر الحرب بين أذربيجان المدعومة من تركيا وجمهورية أرتساخ المدعومة من أرمينيا، سنة 2020، متوسطاً بين الطرفين، فارضاً شروطه الاستراتيجية، رغم انتصارٍ محدود لأذربيجان!!

 

زمن النجاحات الروسية

 إنّه زمن النجاحات الروسية السياسية والاستخبارية والأمنية ، في منطقة القوقاز، والمناطق التابعة للاتحاد السوفياتي سابقاً…

 لقد نجح الرئيس الروسيّ فلاديمير بوتين نجاحاً استراتيجياً باهراً في تأمين المجال الحيويّ للاتحاد الروسيّ، استعداداً لضمان المصالح الروسية في أوروبا الشرقية  واستعادة الدور الرياديّ هناك من جهة، ولتثبيت الحضور الروسيّ في سوريا وإعلاء شأن الحضور الروسيّ في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من جهة أخرى… شتّان ما بين السياسة الروسية الاستراتيجية الشاملة، زمن الرئيس الروسيّ بوريس يالتسن ضعفاً وتراجعاً، وزمن الرئيس فلاديمير بوتين نجاحاً وتألّقاً…

 

 وثّق الرئيس بوتين الدور القياديّ للاتحاد الروسيّ: بين المفاوضات الساخنة والمواجهات الباردة مع الأميركيين لتأمين مصالح بلاده، سياسة حذرة تجاه الاتحاد الأوروبيّ وتفعيل الحضور الروسيّ السياسيّ في البلقان وأوروبا الشرقية، تحالف وثيق وشامل مع الصين الشعبية، وانسجام في العلاقات مع إيران خصوصاً حول الدور الروسيّ المتقدّم في سوريا، تطوّر إيجابيّ في العلاقات السياسية والاقتصادية مع المملكة السعودية والخليج العربيّ ومصر، وحضور بارز في شمال أفريقيا وفي العلاقات مع دول العالم الثالث… 

مع الحرب الباردة الثانية، عادت روسيا بقوّة وثقة ونجاح إلى الساحات الدولية… وقد استفادت القيادة الروسية من آلية العلاقات السياسية والديبلوماسية والاستخبارية الدولية الأميركية زمن الرئيس دونالد ترامب، والتي تميّزت عن المسار الأميركيّ الشامل والتقليديّ… حيث كان عهد الرئيس ترامب عهد المفاجأت بامتياز…” من مقالتي العلمية: ما بين تجلّيات الحرب الباردة الثانية، وبداية الألفية الثالثة!!، الدراسات الأمنية، مجلة فصلية محكمة، تصدر عن الأمن، العدد 89، ص 102، 103. (https://safeanimalshelter.com/)

***

* د. إيلي جرجي الياس، كاتب، وباحث استراتيجيّ، وأستاذ جامعيّ.

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *