تحرّر… تحيّة للفنّان أدهم الدمشقي في معرضه الجديد “عصفور”

Views: 517

 ربيعة أبي فاضل

 

“كُتبت هذه التحية ضمن معرض “عصفور” للفنان أدهم الدمشقي والذي يُقام في بدروم – تركيا. حيثُ سيقوم الفنان بتعليق لوحاتِهِ على الحائط، واضعًا أمامها مقصًّا، ثم يسمح لكل زائر أن يقتطع من اللوحة عصفورًا ويحلق به إلى بلدٍ غريب”.

 

علّمنا باشلار أنّ التخييل الأصيل يعيد تشكيل المرئيّات، ويخلقُها من جديد، خارج المألوف والمتوقَّع. وهذا يَفرضُ الكثيرَ من الحرارة الإنسانيّة والرّوحيّة، لدى الفنّان، كي يزجّنا في فضاءٍ آخرَ، لا يعرف الرّتوب، وفي حياةٍ لم نتذوّقها من قبلُ.

الفنان أدهم الدمشقي

 

وهذا الطّريق، أمام الخيال، لا ينأى عن الحاجة الحميمة إلى الطّيران، والانفتاح على هذا الكون الغريب، والحيويّة في الانطلاق نحو الحلم الّذي يُمَثِّل حقيقتنا. وكلمته رائعة  لا تنسى في هذا المقام، (aimer c’est voler). ويحدّثنا باشلار عن العصفور – الرّمز الّذي يوقظ فينا همّة التّحليق!

ولأنّ الطّيران حريّة وتحرّر من سجن الواقع، أدرك الفنّان أدهم الدّمشقي، بحدسه النّافذ، وبهاجس الخلق والغناء، وسط المآسي والشّقاء، في أعماق ذاته، أنّ العصافير في عرس اللّون، والحركة، تنسج لنا عالمًا جديدًا، فيه الجمال، والبساطة، والرّحلة الى زمان مطلق!

 

والعصفور بشكله الدّائري، في التّأويلات، يقرِّب من الكمال، والسّماء، والطّمأنينة، ويُساعدنا في معرفة الأنا، وما يحوط بها، والانتماء إلى الهواء بدلاً من التّلاشي كالحشرات في ظلمة الأفاعي والخفافيش. في هذه المرحلة يُنهي أدهم محطّة مُهمّة في اكتشافه أسرار طبقات العالم، والمعرفة، والرؤى، كي لا يجد نفسه حشرة، كما معظم شعوب الأرض! 

إنّ الدمشقي لا يرسم بل يهدِمُ عالمًا ليبني آخر، كما قلنا، تُسعفُه مواهبه، وجرأته، ومعها إخلاصه للفنّ، وعندما تقف أمام لوحته تتذكر غوتي القائل:

 La couleur n’est pas un simple jeu, c’est une action dans les profondeurs de l’être, une action qui   éveille des valeurs

إنّ هذا الفنّان الشابّ لا يلعب بل يُحرّر ذاتَهُ ليُحرِّرنا!

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *