“حكّلي تَ حكّلك”

Views: 78

خليل الخوري  

صديقي الديبلوماسي الغربي الذي يعشق لبنان وكان قد مثّل بلده فيه لسنوات، ولم يقطع صلته باللبنانيين بعد إعادته إلى الإدارة الداخلية بموقع ديبلوماسي بارز، فواصل التردد إلى بلدنا في فترات العطلة، فيأتي من دون إشهار صفته الرسمية… هذا الصديق اتصل أمس وبادرني بالسؤال الآتي: هل تعرفون، معشر اللبنانيين، لماذا تحول تشكيل الحكومات عندكم إلى مشكلة كبيرة، وأحياناً الى مأزق؟

أبديتُ وجهة نظري في الجواب وأسهبتُ في الكلام على التوازنات الدقيقة، والديموغرافيا، والحساسيات إلخ…

فقال: أنت تعرف أنني أعرف هذه التفاصيل بدقائقها، وأقدّر بعضها حتى لو كان مبالغاً فيه، إلا أن المشكلة ليست هنا.

فقاطعته لأسأله: ولكن أين تكمن المشكلة؟

أجابني: إنها تكمن في أنكم، لا سيما بعد انتهاء الحرب، تقلبون القاعدة القانونية والدستورية المعروفة منذ أن وُجدت الحكومات وهي: «تُؤلّفُ الحكومات لتكون للبلد وللناس وليس للأشخاص»، والواقع أنكم، أنتم، لا تؤلفون حكومات لبنان واللبنانيين بل حكومات القيادات والرؤساء والأشخاص.

وأضاف: ليأذن لي الأصدقاء في لبنان أن أقول إن الصراعات على الحصص، وعدد الحقائب، و«نوعية» هذه الحقائب، وحتى على «دسامة» هذه الحقيبة أو تلك، إنما هي بدعة لبنانية بامتياز. وعلى حدّ ما يُقال عندكم في مَثَلَكم الشعبي المعروف: «حكّلي تَ حكّلك»… يعني سايرني حتى أسايرك. والأسوأ أنني لاحظت من خلال مراقبتي الدائمة ومتابعتي المتواصلة للوضع اللبناني والتطورات والمستجدّات فيه أن بعض المعنيين يريد أن يميّز نفسه في «الحكّ» فيريد أن يحكّوا له أكثر مما يكلف نفسه أن يحك لسواه… باختصار كلٌّ يريد الحك، والخلاف على النسبة، أو على «الجبنة» على حدّ ما كان يردّد رئيس لبناني مهم راحل هو المرحوم فؤاد شهاب.

وختم الديبلوماسي الغربي الصديق هذه النقطة من حوارنا بالقول: هل عرفتَ الآن سبب تأزيم تأليف الحكومات عندكم؟ لأنكم تشكلون حكومات يؤمّن أعضاؤها «الجبنة» لمعلّميهم، وليس ليحكّوا للناس!

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *