تألّق السلّة اللبنانية

Views: 159

خليل الخوري 

لبنان، رسمياً، في بطولة كأس العالم لكرة السلة، للمرة الخامسة.

إنه إنجاز كبير لا يجوز أن يمر من دون التوقف عنده: بداية لا بدّ من تهنئة هؤلاء الشباب، «أُسود الأرز»، الذين حققوا إنجازاً كبيراً جداً، تزداد أهميته في أوضاع لبنان وظروفه الصعبة المعروفة، ومع ذلك استطاع هذا الوطن أن يصل إلى نهائيات كؤوس العالم للفئات الثلاث: فئة الـ16 سنة، وفئة ما دون الـ 18 سنة، وفئة المحترفين. وهذه الظاهرة الإيجابية للمنتخبات الثلاثة تبدو بمستوى المعجزة تكراراً في هذه الأوضاع اللبنانية الكارثية.

وتجدر الإشارة إلى أن الفريق في المنتخب الوطني هو صناعة وطنية مئة بالمئة.

الأهمية البالغة لهذا الإنجاز تتمثل في عناوين عديدة، نشير إلى بضعة منها في الآتي:

أولاً – في وقت ينفخ أهل السياسة في بوق الطائفية والمذهبية، فإن منتخبنا يُمثّل (كما يؤكد العارفون) حالاً حقيقية، مشرقة، ناصعة، من الوحدة الوطنية، من خلال روح الأخوّة الصادقة بين أفراده جميعاً.

ثانياً- لقد نجحت هذه النخبة من الشبّان في أن تبثّ الأمل في قلوب اللبنانيين بأن قيامة لبنان ممكنة إذا تولّى شؤونَه مسؤولون حريصون على المصلحة العامة. من هنا الالتفاف الجماهيري الكبير حولهم (مجموعةً وأفراداً) من دون التوقف عند طائفة هذا اللاعب والمدرّب، ومذهب ذلك، وانتماء الآخر (…) وهي واحدة من اللمحات المشرقة التي افتقدناها طويلاً في هذا الوطن الصغير المعذّب.

ثالثاً – تغلّب أبطال منتخبنا على بلدان ضخمة (مثال الصين والهند واليابان…) قد يفوق عدد سكّان شارع واحد في إحدى مدنها مجموع عدد سكان لبنان… كما تفوّق على منتخبات البلدان العربية الشقيقة، وهذا دليل على العزم والإرادة والتصميم والتدريب المحترف مع المدرب الشاب جاد الحاج الذي اعتُبر أفضل مدرب في آسيا، كما اعتبر اللاعب المدهش وائل عرقجي أفضل لاعب في آسيا. وأيضاً يعود الفضل إلى القيادة الحكيمة رئيساً وأمانة عامةً وسائر المعنيين.

رابعاً – مَن يتابع التعليقات ذات الصلة العربية والإقليمية والدولية، يتبين له أن كرة السلة اللبنانية أصبحت رقماً صعباً يتخطى حدود هذا الوطن اللبناني، وأنها تحظى بالتقدير والإعجاب الكبيرَين.

إلى ذلك لا بد من التنويه بفوز منتخب الأرز للإناث ببطولة العرب في كرة السلة.

ولقد يكون طبيعياً أن نعلن حرقتنا على كرة القدم العريقة جداً في بلدنا، ولكنها، من أسف كبير، لم تصل إلى حيث يجب من حيث الفاعلية وولوج العتبات إلى كأس العالم… وفي تقديرنا أن الأسباب معروفة، ولن ندخل فيها الآن، فنكتفي بالإشارة سريعاً إلى نقطتين تتسبّبان بالتردي، وهما: السياسة والطائفية.

ونبارك للبنان ما حققته منتخبات كرة السلة من إنجازات كبرى، وأن نقول للذين أوصلوا لبنان مرة جديدة إلى «مونديال السلّة»: لا يكفي أن نكون فخورين بكم وبما حققتم وهو كبيرٌ وغالٍ، بل نطالبكم بالمزيد، أقلُّه عدم الخروج من الدور الأوّل. ولنا ثقةٌ بأنكم لَقادرون.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *