مرض التوحد  Autism أسبابه وإمكانات علاجه

العراق- د. سلاهب طالب الغرابي 

مرض التوحد هو اضطراب عصبي وأحد اضطرابات الطيف الذاتوي Autism Spectrum Disorders – ASD ويعرف بالذاتوية، ويؤثر على التفاعل الاجتماعي للمصاب وضعف التواصل اللفظي وغير اللفظي بنمط سلوكي ومقيد ومكرر.
يبدأ اضطراب طيف التوحد في مرحلة الطفولة المبكرة في غضون السنة الأولى لعدد قليل من الأطفال ويحدث النمو بصورة طبيعية ثم يمرون بفترة من الارتداد بين الشهرين الثامن عشر والرابع والعشرين من العمر عندما تظهر عليهم أعراض التوحد.

لا يوجد علاج لإضطراب طيف التوحد، إلا أن العلاج المبكر قد يؤدي إلى تغيير حياة العديد من الأطفال المصابين.

رغم تباين حدة اضطراب الذاتوية، إلا ان معظم الاطفال المصابين بالذاتوية يتأثر تواصلهم مع الآخرين، ومن مضاعفات التوحد التوتر والانعزال الاجتماعي، صعوبة النجاح في المدرسة، وفي حالات التوحّد الخطيرة يفقد المصاب قدرة التواصل تماماً.

حسب الدراسات يبقى التوحد مع الطفل مدى الحياة وقد ترافقه اضطرابات أخرى مثل الاكتئاب والأرق والوسواس القهري والصرع، ولكنه ليس مميتاً، عادة ما يتحسن وضع الطفل في سن البلوغ اذا كان الأهل أو المجتمع المحيط به داعمين ومتعاونين ومتفهمين لوضعه، ومع ذلك فقد يقوم البعض من المصابين بالتوحد بإيذاء انفسهم أو إيذاء غيرهم. ونسبة قليلة من المصابين بالتوحد (مايقارب2%) يعيشون حياة طبيعية وقادرون على كسب رزقهم، و5% من المصابين يُفضل ان يبقوا تحت المراقبة، وثلثي المصابين بالتوحد في سن البلوغ لا يتحسن وضعهم، اذ يعاني نحو 4-32 % من المصابين البالغين من نوبات الصرع الكبرى ويعتبرون من ذوي الاحتياجات الخاصة ويعتمدون في حياتهم على أهلهم أو المؤسسات الخاصة.

تبدو على المصاب (الطفل أو البالغ ) من طيف التوحد أعراض عديدة وأهمها:
*التفاعل الاجتماعي: يبدو على المصاب إنه لايسمع حديث الآخرين، ولايستجيب لمن يناديه بإسمه، لايفهم التوجيهات، لايعبر عن عواطفه ولايدرك مشاعر الآخرين، يكره العناق يفضل اللعب بمفرده، يميل الى العدوانية والتخريب، عدم الكلام وصعوبة تلفظ بعض الكلمات أو يكرر الكلمات ويتكلم بصوت رتيب مثل الرجل الآلي، انخفاض التواصل البصري المباشر لذلك لايجيد معرفة تعبيرات الوجه للشخص الآخر ولا نبرة صوته. 
* السلوك: يضع طقوساً معينة وينزعج من أي تغيير، يقوم بحركات مثل الدوران أو العض او ضرب رأسه، لديه لغة جسد متصلبة مثل السير على أطراف القدمين، تحسس عال من الضوء والصوت، لاتشغله الألعاب التقليدية وتبهره تفاصيل الشيء مثل دوران العجلات في السيارة.

ومن الممكن تقل حدة اضطراب الطفل المصاب بالتوحد عندما يكبر وتصبح اعراضه اقل شدة فيعيش حياة طبيعية أو شبه طبيعية، ولكن نلاحظ بعض الاطفال الذين يعانون من التوحد تستمر معاناتهم في انخفاض مهاراتهم الاجتماعية مما تزيد من مشاكلهم السلوكية لاحقاً في سن المراهقة.

 

اسباب التوحد

* العوامل الوراثية: قد ينشأ التوحد في بعض الأطفال نتيجة تغيرات جينية وقد يرتبط اضطراب طيف التوحد باضطراب جيني مثل متلازمة ريت والتي تصيب الاناث وتسبب خلل في نمو الرأس وفيما بعد اعاقة ذهنية. والطفرات تكون إما موروثة أو تلقائية.

* أمراض أخرى: الاطفال الذين لديهم مشاكل صحية يعانون من شدة الاصابة بالتوحد، ومن هذه الاضطرابات متلازمة الكروموسوم الصبغي الهش والذي يعد اضطراباً موروثاً يسبب اعاقة فكرية.
*التاريخ العائلي: ترتفع نسبة ولادة طفل مصاب بالتوحد في العائلة التي لديها طفل يعاني من التوحد.

*عمر الأب: تزاد احتمالية الاصابة اذا كان الوالد متقدم سناً.
* نوع الجنس: يصيب التوحد الذكور اكثر بأربعة اضعاف من اصابة الاناث.
*صحة الأم: بدانة الأم او اصابتها بالسكري تزيد من فرص انجاب طفل مصاب بالتوحد.

*العوامل البيئية: ملوثات الهواء، أو الأدوية للأم اثناء فترة الحمل.

 

تشخيص المرض

يتم التشخيص للطفل بشكل نهائي عند بلوغه سن السنتين او ثلاث سنوات:
*معاينة الطبيب المختص للطفل.
*اجراء فحوصات واختبارات للطفل لتقييم قدراته اللغوية وصحته النفسية.
*التوضيح للأهل عن مهارات الطفل الاجتماعية، وقدراته اللغوية، وسلوكه، وعن كيفية تغييرها بمرور الوقت.

 

علاج التوحد يشمل:

لا يوجد علاج محدد لمرض التوحد لأن الاعراض مختلفة من مصاب لآخر، وطرق العلاج :
*العلاج السلوكي (Behavioral therapy)

*علاجات أمراض النطق واللغة (Speech language pathology)

*العلاج التربوي والتعليمي.

*العلاج الدوائي.
آلية العلاج تتضمن مايلي:

*علاج الاستجابة المحورية: هذا العلاج يساعد الطفل على الاستجابة للاشارات التحفيزية ويتم من خلال اللعب.

*تحليل السلوك التطبيقي في هذا العلاج يقوم المدرب يدرس سلوكيات المصاب، ويقوم بتعليمه السلوكيات المرغوب فيها وتعزيز السلوك الإيجابي، والتقليل من السلوك السلبي لتحسين الاداء والاتصال.

*نموذج دنفر: هذا العلاج يساعد الأطفال في عمر 1-4 سنوات، يعتمد على العلاج السلوكي من خلال اللعب.

*وقت العمل: في هذا العلاج يتم تطوير قدراته والسعي لتنظيم حياته بدعم الأهل وحضورهم في منطقة لعب اطفالهم.

*العلاج المهني: هذا العلاج يساعد المصاب أن يتعلم الاستقلال في مهارات الحياة اليومية مثل النظافة الشخصية وارتداء الملابس.

 * تطوير العلاقات: في هذا العلاج يتم مساعدة الطفل على معالجة المواقف واستقبال المعلومات بالبصر والصوت في وقت واحد دون حدوث نوبات غضب وملل مما يساعده في تحسين نوعية حياته.

*علاج النطق: في هذا العلاج يتم تعليم الطفل الرد على الاسئلة وتقوية الكلام وتفسير لغة الجسد. 

 *علاج السلوك اللفظي: في هذا العلاج يتم مساعدة الطفل على ربط الكلمة والمعنى.
*التدريب: في هذا البرنامج العلاجي يتم التركيز على التعلم البصري وتقوية مهارات التواصل، والتقليل من الشرود وانعدام التركيز بدمج المصابين في بيئة فصل دراسي. 
كذلك طريقة التواصل الميسر من خلال صنع جهاز يحتوي على لوحة مفاتيح، كل مفتاح فيها يحتوي على كلمة و يتم تدريب الطفل بالضغط على المفتاح ليبين لأهله حاجته. 
*الأدوية: يصف الطبيب الادوية لعلاج الاضطرابات التي ترافق التوحد مثل الأرق، الاكتئاب، الوسواس القهري أو للتقليل من نوبات الصرع. 

 

*برنامج تيتش لمرضى التوحد

برنامج تيتش

Treatment and Education of Autistic and Communication Relat واختصاره (TEACCH)، وهو أول برنامج تربوي لتعليم المصاب على التواصل ويتضمن هذا البرنامج التقييم الفردي للمصاب، ودمجه في بيئته المحيطة، ومتابعة تطوره حسب مهاراته وقدراته بالاضافة الى تقدمه في الأنشطة البصرية والمهنية.

الوقاية من مرض التوحد

لا يوجد أي طريقة للوقاية من طيف التوحد، ولكن التشخيص المبكر يُفيد في تحسين سلوك ومهارات التواصل للمصاب بالتوحد.

 

أهم النصائح لدعم الطفل المصاب بالتوحد:

*عدم مطالبته بما لايستطيع والمرونة في توجيهه والصبر على انفعالاته وعدم تعنيفه أو اهانته لفظياً.
*الطفل المصاب بالتوحد يفضل الروتين فيجب الحفاظ على جدول زمني وتعام مهارات روتينية.
*منح الطفل المزيد من الوقت واللعب معه يزيد من استجابته للعلاج.
*التركيز على ايجابيات الطفل ومدحه ومنحه هدايا لتعزيز شعوره بالرضى.
*الالتزام بمواعيد النوم والطعام الصحي والخاص وعدم اجباره على تناول ما لايرغب.
*طلب الدعم من الأهل والاصدقاء واستشارة الطبيب النفسي.