بوتين العنيد وروسيا الصامدة

Views: 12

د. إيلي جرجي الياس

 

*الحلقة 38 من سلسلة القيادات الروسيّة والسوفياتيّة 1900-2022، رؤية تحليليّة واستراتيجيّة!! 

 

أعلن الرئيس الروسيّ فلاديمير بوتين، في خطاب متلفز ومسجّل، يوم الأربعاء 21 أيلول 2022، التعبئة الجزءيّة للمواطنين الروس في الاحتياط، والذين سبق أن خدموا بلادهم، وهذه خطوة متقدّمة في الحرب الأوكرانيّة الدائرة منذ 24 شباط 2022. وشنّ الرئيس بوتين هجوماً مباشراً على النظام الأوكرانيّ، وداعميه الغربيّين، متّهماً أيّاهم بإذكاء نيران الحرب، ودعم اليمين المتطرّف المقاتل إلى جانب نظام كييف، وأكّد بوتين أن روسيا ستدعم بشكل حاسم ونهائيّ، قرارات شعوب مناطق دونباس وخيرسون وزابوريجيا الأوكرانيّة المشروعة، بما يمهّد رسميّاً لضم محتمل لمناطق تشكّل بين 15 و20 بالمئة من الأراضي الأوكرانيّة!! وجدّد الرئيس بوتين تصميمه الكامل بتحرير منطقة دونباس، ملمّحاً إلى قدرات روسيا النوويّة الفائقة. (www.algerie360.com)

 

عناد الرئيس الروسيّ

يوماً بعد يوم، يزداد عناد الرئيس الروسيّ فلاديمير بوتين، وتقوى جرأته الاستراتيجيّة فيما يعتبره حقوقاً مستحقّة لروسيا العظمى… “الرجل الحديدي فلاديمير بوتين، هو القادر على إعادة بريق المجد إلى عيني روسيا الاتحادية، وإرادة التفوق والتألّق إلى قلبها الصامد!! واستخدم بوتين (الحائز درجة دكتوراه في فلسفة الاقتصاد) الأمن في سبيل تحقيق أهداف اقتصادية…

 رجل الدولة الأقوى: على طريقة رجال الأمن والمخابرات، كان بوتين لا يمكّن الناس من معرفته على كامل حقيقته، فكان يخلق الشك عند الآخرين دائماً. لقد بدأ عام 2000 بتأسيس نظامه الرئاسي المطلق، أو بما سمّوه في موسكو  بناء هرمية السلطة، مستعيناً بدستور عام 1993 الذي أعطى الرئيس صلاحيات واسعة…

 

 الرئيس فلاديمير بوتين، الذي أحكم سيطرته على المفاصل السياسية للدولة الروسية بفضل ذكاءٍ حادّ امتلكه، وجرأة عالية تمتّع بها، ووسّع نفوذه نحو المجالات الاقتصادية، فبعد سيطرته على شركة غازبروم العملاقة للغاز، قاد حرباً على شركة بوكوس التي تحتكر إنتاج النفط وتصديره، واستطاع إخضاعها في تمّوز عام 2003، فأخاف جميع الشركات الكبيرة الأخرى، والقوى المالية والمافيات. 

وهكذا انطلق الرئيس الروسيّ فلاديمير بوتين في مسيرته الرئاسية القيادية الجريئة والناجحة، مقدّماً تجربةً فريدة هي عبارة عن نظامٍ مُدمج بين النظم الديموقراطية التقليدية والحزم القياديّ الروسيّ التقليديّ!! وهو القائل: من لا يأسف على الإتحاد السوفياتي لا قلب له ومن يتمنى عودته لا عقل له. 

 

تجربة أليكسي نافالني

على الصعيد الداخليّ، استطاع الرئيس بوتين استيعاب كلّ أشكال المعارضة ولعلّ أقواها تجربة أليكسي نافالني، وهو معارض روسي مدعوم من برلين وواشنطن، وعنوان للفوضوية السياسية المحتملة، ومدخل لانبثاق الحرب الباردة الثالثة!! أمّا تأجيجه الشارع الروسيّ بوجه الرئيس فلاديمير بوتين، على مراحلٍ، فمن المرجّح أن يرتدّ على الشارع الألمانيّ تقدّماً لليمين المتطرّف، على ضوء تفشّي فيروس الكورونا – كوفيد 19، وابتعاد المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن الأضواء السياسية، تدريجياً!! يقف الرئيس بوتين حازماً وحاسماً بالنسبة لقضية نافالني تماماً كما كان في مواقفه السياسية المفصلية!! رفض بوتين تقارير إعلامية عن تسميم نافالني قائلاً إنها ملفقة من معلومات قدّمتها أجهزة مخابرات أميركية في محاولة لتشويه سمعة بوتين نفسه وجعل نافالني يبدو أكثر أهمية من حقيقته. 

 

يقدّم الرئيس فلاديمير بوتين أليكسي نافالني كأداة للحرب الباردة بيد الأميركيين والغربيين وأجهزتهم الاستخبارية!!” (من مقالتي العلمية: ما بين تجلّيات الحرب الباردة الثانية، وبداية الألفية الثالثة، الدراسات الأمنية، مجلة فصلية محكمة، تصدر عن الأمن، العدد 89، كانون الثاني 2022، ص 101، 102).

 

***

* د. إيلي جرجي الياس، كاتب، وباحث استراتيجيّ، وأستاذ جامعيّ.

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *