لا دربَ أمشيها إليكِ

Views: 452

نعيم ميا

(سوريا)

لا دربَ تُوصِلني إليكِ

تخنْدقَتْ سُبُلي

وماجَ بها الحنينُ إلى الحنينْ

هي الّليالي عارياتٌ كالمنافي

تكْـتسي غيْمَ الجنونْ

وخُطاي قد ضاعتْ

فَضعْتُ بِخَطْوِها 

والصّبحُ ينزِفُ ضفَّتيهِ مُحاصَراً 

ما بين أمسٍ لا يبين 

وفجرِ صبحٍ لا يجيءْ

فأعدُّها دقّاتِ قلبي

إنّها تمتدُّ من وَجَعي 

إلى مَنْفاي

كانَ الحزنُ يُدرِكُ أنَّ ما ألقاهُ 

يكْبُرُ كالمساءِ إذا تكدَّسَ ليلُهُ

فَعَدوْتُ في الأبعادِ

أَبحثُ عن شهيقي

أَخبرَتْني نجمةٌ:

أنّ الدّروبَ إلى الشَّهيقِ

معبَّآتٌ بالنَّزيفِ

وأنَّه كي ألتقيكِ

على دِمائي أَنْ تُطاردَني

وأنْ أسعى إلى فيءٍ يفيء بمقلتيكِ

**

طاردتُ أحزاني 

وأسلمْتُ الرّحيلَ إلى الرّحيلْ

هي كلُّ هاتيكَ المرابعِ

تُتقنُ الحلمَ الذي يَسَعُ العيونْ

فعلامَ تتّكئينَ خاصرتي؟

أليسَ الجرحُ خُطوَتنا

إلى حيثُ العصافيرُ الّتي

قد غيَّرتْ تَرْحالها 

حطَّتْ على شُرفاتنا 

وتماوجتْ قمراً

يُغنّي للسّكينةِ 

فالتجأتُ إلى حنيني

كي يفيضَ به الحنين 

**

اَلعُمْرُ يَبدأ من جُفُونٍ راعشاتِ الهُدْبِ

تَغْنجُ في الغدوّ وفي الإياب إلى الحبيب

وأنا المسافرُ في نُعاسي

لا غيمةٌ نَدَّتْ

ولا قمرٌ منيرْ

فعلامَ يلهثُ في انفعالاتي الوجيبْ ؟

**

لا دربَ أمشيها للقياكِ الجميل هنا

فهلاّ تخرجين إلى الصَّباح

وتُسْدلين على المساء سِتارةً من زنبقٍ

إنّي أكادُ أموتُ مِنْ ظمأي

وحِرماني

وتَرْحَالِ السِّنينْ

** 

يا قلبُ عُدْ

لا عُمرَ يكفي كي أَخطَّ قصيدتي 

هُمْ أورثوني صَرْخَةَ الأيّامِ 

في ليل الحريقْ

عزفوا على أوتار خاصرتي

أناشيدَ الكآبةِ

واستطابوا ذا العذابْ

وأنا الّذي

ما زال في نبْضي 

هُتافاتٌ مُبللَّةُ الدّموعِ 

تُريدني أنْ أَستعيرَ من الغيومِ

حِكايةَ الأرضِ الّتي جَدَلتْ ضفائرَها

على عُمرٍ بعمرِ الجُرح

منثوراً على وَجَعِ الدّوار

** 

نحنُ العرايا الذّاهبون إلى المنافي

قد حَمَلْنا جُرحَنا جُرحاً

يُفَتِّشُ عن مَعَاطفَ للحنانِ

توهَّجَتْ كلماتُنا زَمَناً

وغاصتْ أدهُراً

فَتَقَاذَفَتْنا الرِّيحُ نَقْطَعُها

إلى نصفينِ

نصفٍ غائمٍ ماضٍ

ونصفٍ سادرٍ لا شيءَ يُوقِظه

يدورُ ونعشُه يمشي على وَهَنٍ

يُفتِّتُ صمتَنا المكسورَ من 

نَزْفِ التّفاصيلِ البغيضةِ والبَوار

** 

آهِ .. 

ما أقساهُ مِنْ زمنٍ 

يُمدّدُ ليلَهُ في ليلهِ

يلتفُّ حولي كالحريقْ

ويموتُ في حلمي البريق

** 

طالتْ ظِلالُ الشّوقِ تمشي في صباحاتي

أنا المجنونُ في ليلى

و ليلى في صحارى الخوفِ

تُودِعُ عُمرَها عُمراً

بعُمرِ العمرِ مَسْفوحاً

على الخيبات

تُلقيني على جِسْرِ اغترابي

كلّما قلتُ: الهوينى

زَوبعتْني

أسلمتْني دربَكِ الموصودَ بالأشواكِ

قالتْ: 

لا ممرَّ إلى فؤادي

أنتَ ضيَّعتَ الودادْ

ومشيتَ تِيْهاً ها هنا

وتركتَني شِلواً يُقارعُ نسْغَهُ

يمتصُّني سفرٌ

يُهاجرُ في السَّفرْ 

ويضيعُ في صمت الوَتَر

** 

لا دربَ تُوصِلني إليكِ 

تحجَّرَتْ سُبُلي 

وضاعتْ في هُبوبِ الرِّيحِ مشْكاتي

وغطّاني سَحَابُ الوحلِ

يُمْطرُ في خُطاي

فَعدْتُ مَحزوناً

أُرفرفُ في دمي

الله يا قلبي العَمي

** 

عاتبْتُ أحزاني

وصافحْتُ السّرابَ يُخادعُ العينينِ

أو رَسْمٌ يُطاردني

فنمتُ على حشيشِ الأُفْقِ أَرْنبةً

يُضاجعُها الأرقْ

سَهْلٌ من الأحلام صوّحَ نبتَه 

ثمَّ احترقْ

** 

نوّمْتُ دَمعي في جِرار الخوفِ أغنيةً

تبثُّ جراحَها

وطَفِقْتُ أبحثُ عن مفاتيحِ الصَّباحِ

فأوقفِيهِ نَبْضَكِ الرّجراجَ سيّدتي

وهاتي راحتيْكِ

أسوقُ في وجع الطّريق

إليهما دقّاتِ قلبي

واحضنيني كي أحبَّكِ مِلْءَ قلبي

قد سئمتُ الرّيحَ تعصفُ بي

وتشلحني على شطّ يناوئ موجَهُ

فاسْتنهضي تَعبي

أعيديني إلى ظلٍّ يُخاصمُ ظلَّهُ

فأنا تعوَّدْتُ العُبورَ إلى ضِفافٍ

جاوَرَتْ قبْري

تُذكّرني

بأنّ ولادتي بَدْءُ المواتِ

وأنّ ظهْري 

قدْ تحوْدبَ في منافي الغُربةِ الحمقاءِ في وطني

وإنّي قد رأيتُ زنابقي

تنمو على شفةِ الحريقْ

وتضيعُ من قدمي الطّريق

** 

لا دربَ أمشيها إلى الُّلقيا

فما يُدني خطاي إلى لقائك سوف يُبعدني

ومَنْ أهواه يُسْقمني

فيا ليْتَ الصَّباحَ يجيء

لكنّي تآكلني الصَّباحْ 

****

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *