ميراي شحاده… تخبز للخلود أرغفةَ محبةٍ

Views: 246

مردوك الشامي

يحدثُ نادراً، أن ينبت لامرأةٍ أرضيةٍ جناحا ملاكٍ، أن يرتديَ حقلٌ وارفٌ بالخصبِ جسد أنثى ، وأن يندلع سربُ ينابيعٍ من عينين اثنتين تعادلان في قياس الشغف مجرّة عناق..

يحدثُ أن يتكرر المشهد هذه المرة، كأن تقوم بيننا خنساء جديدة، لا تبكي صخراً، بل تعيده إلى الحياة، وأن تنهضَ على أرض الواقع بلقيسُ مختلفة، تعيد لسبأ نهضتها، وأن تغادر حزنَها المجدليةُ لتقوم من بين الحزانى تنزلَ محبوبها من فوق الصليب، وترتقَ جراحه بالشعر والهديل والكرامات..

يحدث أن تنعكس الصورةُ وتستعيدَ امرأة من ضوعٍ واقحوان سلطنة الربيع، تمنح ذراعيها شراعاً لسفينة الطوفان البعيد، وتنتقي هي الكائنات التي تستحق الخلاص الأكيد..

كم ظلمَنا السيدُ نوح حين سمح لكل المخلوقات بالصعود على متن طوفه الأسطوري، خطيئته الكبرى أنه نسي الإنسان يغرقُ دون خلاص، وترك للخطيئة والأوغاد والوحوش أن تتكاثر دونما خشية تحتَ ظلال زيتونة باكية.

يحدث فعلاً أن تنكسر قوانين الرسالات الهابطة من فوق، وأن تقود امرأة أسراب السنونو لتبتكرَ عالماً جديداً بلا تلفيق..

ميراي شحاده، حين أتأمل هذه الملامح أقرأ خلفها قلباً يتسّع الكون كله، ألمحُ ملائكة وقديسين، وأرى طفلةً لم تغادر حتى اللحظةِ رغبتها بصناعة قالب للحلوى من شجرة ونهرين وضحكة أمّ فارهةٍ وأبٍ يجيد تلاوةَ المحابر في فصول الشح والانتظار.

وحين يدعو شاعرٌ إنسان مثل عصمت حسان الليلة لنجتمعَ حول ميراي، فهو يحسن اختيار الأريجِ، وينتقي لتكريمٍ كبيرٍ ولائقٍ امرأةً من سلالة الوفاء، وما كل الكلمات التي قيلت اليوم في وفاء ميراي إلا بعضَ ما تستحق من صدىً لوفاء يندرُ اليومَ وربما في مقبل الأيام..

هي وفيةٌ أولا لأبيها، وكم يتمنى كل أبٍ فينا أن يحظى بابنٍ أو ابنةٍ حين يموت تعيده إلى الحياة، وهي وفية ثانيا للكلمة، للفكر ، للقصيدة، تقصُّ من لحمها الحي ولقمة عائلتها أكثر مما يستحق العطاء لتخبز للخلود أرغفةَ محبةٍ تبقى وليمة للمستقبل..

ما قاله الأساتذة والأحبة كثير وتستحقه ميراي شحاده، سأقول فقط ، إننا اعتدنا دائماً أن ينجبَ الآباءُ أبناءهم..وهذا الطبيعي والموضوعي..

مافعلته ميراي وتفعله، أنها أنجبت اباها ، وقدمته للحاضر والمستقبل بعباءة من ضوءٍ وضوعٍ ، وهذا يستحق كل التقدير.

شكرا عصمت حسان ومنتدى شواطىء الأدب على هذه المبادرة المحبة..

وشكرا ميراي أنك بيننا وستبقين الأيقونة التي نحترم إلى الأبد.

***

*كلمة الشاعر مردوك الشامي في تكريم المهندسة والشاعرة  ميراي عبدالله شحاده في منتدى شواطئ الأدب، عيتات، 10 – 10 – 2022

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *