عالم الشائعات

Views: 239

خليل الخوري 

كان في الود أن يكون عنوان هذه العجالة «بلد الشائعات» عوضاً عن «عالم الشائعات»، إلا أنني لم أشأ أن نجلد أنفسنا وسط أجواء فضائية تتحكم فيها «المعلومات» الكاذبة متفوقة على الحقيقة التي تبدو مثل ذاك الكريم العزيز على موائد اللئام. إنه زمن تحوّل فيه كل من يشاء الى «إعلامي» يتواصل مع الملايين في مختلف أنحاء المعمورة من دون أي جهد، وأي علم، وأي ثقافة، وأي سلامة تفكير.

لقد بات في إمكان من يشاء أن «يخضّ» ملايين الناس بمعلومة ليس فيها من الحقيقة شيء، أو بأن يقتحم خصوصيات الآخرين بالكذب حيناً، وبالسفاهة حيناً آخر، وبقلة الحياء وندرة الأخلاق حيناً ثالثاً، وبالقرصنة في كل حين… وحتى بعض المواقع التي على رصانة تستخدم المادة الإعلامية  فتستغل جهد غيرها من دون وجه حق.

ولعل صحافة الورق هي الضحية الأولى لهذا الفلتان، بالرغم من أنها «استلحقت حالها» بمواقعها الالكترونية. ولكن ليس ثمة مجال للمقارنة بين ما يتكبده الموقع الإعلامي الرصين والصحيفة وما لا يتكبده القراصنة في هذا الفضاء اللامتناهي. اذ يكفي أن يمتلك القرصان هاتفا ذكياً (وهو في متناول الناس أجمعين) ويتكئ على كرسي ويرسل الى الفضاء الالكتروني ما لا يخطر في بال بشر من الشائعات المفبركة التي تجوز على كثيرين من  الناس، أو من المواضيع ذات الإثارة اللاأخلاقية والسياسية حتى تتألب العامة حوله، وكلما ازداد في الكذب وبالغ في الإثارة كلما تضاعفت أعداد متابعيه، مع ازدياد المردود الإعلاني الذي يصله من دون أي مجهود…

وأما الصحيفة التي تعيل المئات (بين صحافيين وكتاب أعمدة وتقنيين وفنيين وإداريين وموظفي المطبعة وعمالها الخ…) والتي تلتزم النصوص القانونية وتحاول ألّا تتخطى حدود المهنة، فهي خاسرة سلفاً في هذه المواجهة التي قلنا ونؤكّد على أنها غير متكافئة.

ومع اعتقادي أن ضبط هذا الوضع ليس بالأمر السهل، إلا أنني على يقين، في المقابل، بأن ثمة ضوابط لا بد منها، حتى ولو جاء مفعولها محدوداً، من خلال قانون عصري ينسف قانون المطبوعات الذي «أدّى عسكريّته» وانتهى دوره، وأضحى الاستغناء عنه ضرورة ملحّةً واستبداله بقانون ينطلق من ثوابت لا بد منها:

1 – الحرية ثم الحرية ومن ثم الحرية.

2 – وحدة الأسرة الصحافية والإعلامية عموما.

3 – الصحافة ليست سلطة رابعة (في الترتيب) إنما هي إحدى السلطات الأربع.

4 – مكافحة ما أمكن من الفلتان في الإعلام الالكتروني…

وسرّني كثيراً أن وزير الإعلام زياد مكاري يهجس بهذا الموضوع – القضية.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *