من”ضو القناديل” إلى “ضي القناديل”…كيف تحولت هذه الأغنية وكيف انتقلت من فيروز إلى عبد الحليم حافظ؟

Views: 1076

سليمان بختي

كيف تحولت اغنية “ضي القناديل” من فيروز الى عبد الحليم حافظ؟ ولماذا؟ مع ان الكلمات للأخوين رحباني والتوزيع لهما أيضا واللحن من محمد عبد الوهاب. للاغنية قصة و كان ذلك عام 1960. 

يروي جورج ابراهيم الخوري في كتابه “حكايتي مع النجوم” (محمد عبد الوهاب)  ان عبد  الوهاب اسمعه على متن السفينة اسبيريا المبحرة من بيروت الى اسكندرية مدندنا على عوده هذا الكلام:” ضو القناديل/ بالشارع الطويل/ فكرني يا حبيبي بالموعد الجميل/ بليالي سهرناها/ وسهروا القناديل”.

سأله الخوري: ما هي هذه الاغنية؟ فأجاب: “انها الاغنية الجديدة التي الحنها لفيروز واسمها “شارع الضباب” وهي من كلمات عاصي الرحباني”.

ويتابع عبد الوهاب:” يا شارع الضباب/ شو نسيتك انا/ مرة بالعذاب/ ومرة بالهنا/ تعباني بحبي/ اسأل عن دربي/ بفراغ الليل/ وبطريقو قلبي/ وضو القناديل/ وتحت المصابيح/ رصيف الحلو/ ضايع وجريح/ اخو ما الو/ ويا لفتة سريعة/ من العين الوجيعة/ خلف الشبابيك/ والسما الوسيعة/ وضو القناديل”.

 

روى عبد الوهاب لخوري ان الشاعر كامل الشناوي عندما سمع كلام الاغنية قال له “هذا ليس شارع الضباب .. هذه مدينة نور”.

طلب عبد الوهاب من الخوري ان يتصل بعاصي الرحباني عندما يعود الى بيروت وان يسمعه مطلع شارع الضباب “ثم تخبرني عن رأيه به”.

سأله عاصي قبل ان يسمعها  من الخوري على اي نغم هي؟

أجاب الخوري :” سيجاه كورد”.

وعندما سمعها عاصي قال:” افضل ان تسمع فيروز اللحن من فم عبد الوهاب بالذات فالقرار النهائي يعود لها”.

عاد عبد الوهاب الى بيروت في اوائل ايلول 1960 وفي انطلياس كان اللقاء مع فيروز والاخوين رحباني وخرج الموسيقار الكبير منزعجا”.

قالت فيروز لعبد الوهاب انها بعد ان راجعت كلمات الاغنية وجدت انها لا تليق بالصورة التي رسمتها لنفسها باغانيها… “وان تعابير القناديل والضباب والمصابيح الملونة، والارصفة السوداء، والمواعيد الجميلة انما هي اجواء بنت ليل”. لذلك ترى انسحابها من الاغنية اضمن لكرامتها.

سألها عبد الوهاب :” ايه رأيك في اللحن؟”

فقالت: “رائع”.

رد عبد الوهاب:” اذن فضت المسألة واسمحي لي ان المطربة الحقيقية هي التي تمثل الاغنية ولا  تعيش  فصولها. غنت ام كلثوم قصائد مضمخة بالعشق  والوله والاشتياق، ولم يتهمها احد بانها هي حكاية الاغنية. المطربات يصورن ببراعة الصوت ما يريد الشاعر ان يقوله…. والشاعر في شارع الضباب هو زوجك عاصي الرحباني” .

ساد الصمت  ثم قالت فيروز :” لكن قلبي لم يهف لهذه الاغنية اعذروني”.

انسحب عبد الوهاب من الجلسة مرددا: “وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم”.

يسأل جورج ابراهيم الخوري عبد الوهاب :”هل يخاف من الاخوين رحباني ان تنعتق فيروز من هذا القيد الرحباني وتنطلق في سماء الشرق الفسيحة حاملة الوانا جديدة؟”

يجيب عبد الوهاب:” انت مخطئ فلو انهما يرفضان التعاون معي لما سجلت فيروز “يا جارة الوادي” و ستنشد من الحاني الجديدة اغنية” سهار بعد سهار”. 

فيسأله جورج ابراهيم الخوري: “ماذا ستفعل باغنية “شارع الضباب”  اذن؟”

يقول عبد الوهاب “سأعطيها لعبد الحليم حافظ …سمعها مني في القاهرة وقال” ليت هذا اللحن يكون لي” .

 

وهكذا كان، وتحولت الاغنية من “ضو القناديل” او “شارع الضباب” الى “ضي القناديل”.

وسجلها عبد الحليم بعد 3 سنوات من تاريخ مولدها اي في كانون الثاني 1963.

وقام الاخوين رحباني بادخال بعض التعديلات على كلمات الاغنية لتتناسب واللهجة المصرية واشرفا على توزيعها موسيقيا في بيروت.

ولا تزال الاغنية تغنى وتستعاد بصوت عبد الحليم حافظ الشجي وادائه المرهف الحس وفيها من الكثير من اثر الاخوين رحباني وعالم محمد عبد الوهاب الموسيقي.

ولا نزال نسمعها شهية حارة كأنها ولدت اليوم بين القاهرة وبيروت في عز زمن الفن الجميل، والسماء المرصعة بنجوم الموسيقى والفن.  

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *