“أغصان وجذور” للدكتورة إلهام كلّاب… نافذة  ماضِِ زاخر يفتح  أبواب الحياة على نجاحات المستقبل

Views: 205

 

الأديبة سمية تكجي 

“أغصان و جذور” كتاب مراحل  سيرة ذاتية صادر عن دار نلسن عام ٢٠٢١ للدكتورة الباحثة والأديبة إلهام كلّاب .

 اصطحبتنا الكاتبة  على متن حبرها  في سفر  ممتع  إلى دواخلها و تجاربها . تجارب مهمة من حياتها  المكتنزة بالعلم و الفن و الثقافة والنضال… كنت قارئة مدفوعة بفضولي لأعرف… وهي الأديبة التي شدتني بصدقها و بلاغة لغتها وعمق تجربتها.

لوحة الغلاف( بريشة الفنان التشكيلية رنا بساط ابنة صاحبة السيرة د. كلّاب ) 

د. إلهام كلّاب

 

عنوان  الكتاب

الشجرة رمز الحياة و دورتها ، تشبهنا ونشبهها … لكنها  تشبه أكثر  نخبة البشر… أن تكون مغروسًا بعمق في الأرض، تملك الصوت الداخلي الحكيم وأغصانك  دروب الحياة المتنوعة  تمشيها وتكون فيها على تماس بكل ما يحيط بك … محتوى الكتاب للدكتورة الهام كلاب سيرة امرأة استثنائية  إختزنت في شخصها   فضاءات رحبة  للوجود  من شمس و ماء و هواء وأرض  كافية لتترعرع  الأشجار فيها و تثمر… ولكم أثمرت..  فالدكتورة إلهام  كلاب غنية عن التعريف. هي الحائزة على دكتوراه في تاريخ الفنون والآثار من جامعة السوربون في باريس، وهي أستاذة جامعية وأديبة وباحثة في مجال التاريخ والحضارات والفنون والتراث والمرأة والتربية وهذا غيض من فيضها…

الإهداء

 في الإهداء استهلت الدكتورة الهام بعبارة  من روائع فرانز كافكا…عن فقدان الأشخاص، الأشياء، الحب… ومن ثم عودتهم بشكل مختلف.

عادت بنا الكاتبة إلى مناسبة وظروف تلك العبارة التي كتبها  كافكا إلى الطفلة التي فقدت دميتها على شكل رسائل أخبرها فيها عن سفر الدمية وعن رحلاتها و مغامراتها وطبعًا على لسان الدمية …!!!

هنا نستخلص العبرة التي حاولت الكاتبة ايداعها بين سطورها تارة تلميحًا و تارة تصريحًا…

الأب رفيق أبي حنا الكلّاب  والأم جوزفين نخله زخيا الكلّاب 

 

عن عودة حب الأب

الأب رفيق الذي عاد …عندما زرع فيها  حبها للعلم و المعرفة والفنون،  ثقتها بكيانها كامرأة  والتزامها الدفاع عن قضايا المرأة ..

الأم جوزفين ….التي زرعت فيها الذكاء والشغف  وقوة التحمل وممارستها  لعدة مهمات في وقت واحد …ص 27 (أكاد أشبه أمي بالآلهة الهندية التي تملك عشرة أذرع) ..

أختها أسمهان عادت …بشكل آخر عندما …ص 64 -65 ( عندما غابت أصابتني حمّية العيش  عني وعنها ….) تقول الكاتبة إنها كانت تعوض غيابها فتدرس وتعمل وتكتب وتسافر  كما لو أنها شخصان متوازيان…

الصبا على شاطئ جبيل د. إلهام مع شقيقتها أسمهان

 

تقع السيرة عادة في موقع بين الأدب والتاريخ والمذكرات ، ولا يمكن المرور مرور الكرام على أسلوب الكاتبة الأدبي اليانع الذي اتسم بالمرونة بعيدًا عن التعريف الجاف، بل يمكن الذهاب أبعد من ذلك، حيث أن بعض فصول السيرة تضمنت فقرات  زاخرة بالصور والخيال وحرارة العاطفة ، كما في الشعر ، لكنها كانت دائما متصالحة مع الصدق والواقع.

و كذلك هنا دور الأدب كحياة موازية يبلسم الجرح و يسكن الآلام… وهنا لا بد من الإشارة إلى كتابة السيرة الذاتية، على لسان صاحبها مدفوعًا بالحنين وهل أقوى  من الحنين حافزًا….؟ وربما يكون هو الحافز الأقوى يعود بنا إلى الطفولة و المراهقة وكافة التجارب التي تركت أثرًا في حياتنا وتوجهاتنا وبصمت ما نحن عليه …!!! يكتب المؤلف سيرة حياته  بشغف  ومتعة، يكتبه مؤلفه بهذا الحب الذي يتجذر في كل اوصاله،  وبكل عصافير فكره التي تتنقل بين الأغصان،  فيفتح في قلبه كاميرات مستترة وصورًا لم تظهر من  قبل  للعيان … فيتصالح مجددا مع كل ما مر معه ويجالسه ويناقشه، وقد  يوقظ فيه بعض الأمور التي ظن أن النسيان طواها… وهذه المتعة أيضا  يتشارك فيها القارئ ، يتعلم منها ، يرى الأمور من نظرة مختلفة، يستخلص دروسًا وعبرًا ، ويتعرّف أكثر  الى الكاتب الإنسان …!!!

د. إلهام كلّاب محاضِرة في مجلس الشيوخ في باريس

 

مراحل من سيرة سيدة لبنانية عظيمة ، نتعلم منها قيمًا كثيرة .

قال جورج سانتايانا عام 1905:

” الذين لا يتذكرون الماضي  محكومون دائما أن يكرروه “

لكن سيرة د . كلاب هي نافذة  ماضِِ زاخر يفتح  ابواب الحياة على نجاحات المستقبل .

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *