“طرابلس في عيون أبنائها والجوار”

Views: 286

ميراي شحاده

ها هو الماضي يدق وتد الحنين في ذاكرتي، تارة ينزف من جمره في مواقد أفكاري يصلني بمراكبَ قد أبحرت إلى البعيد في غسقها العميق وطوراً يرميني في مجهول لا أقوى على معاندته. ما عساي فاعلة، سوى أن أتأبّطَ أحلامي كطفلٍ وأمتطيَ الريح كثملٍ وأعودَ أدراجي بشاعر الكورة الخضراء إلى رحم حبيبته الفيحاء وأستولدَه من جديدٍ في أروقتها، على مسارحها وفي محابر أدبائها أعمّده وبميرون شعرائها أكحّله وأزرعه نرنجاً في أسواق العطّارين وأرفعُه قبّة للسماء في مساجد المصلّين.

الناشر ناصر جروس ورئيسة مركز مشروع أجيال ماريان سركيس

 

حين قرّر عميدُ الناشرين في لبنان، الأستاذ ناصر جرّوس، أن يشهد لمدينته طرابلس، عبر إصدار هذا الكتاب الجامع،كتابٌ تُستعاد فيه علاقتُها مع الجوار- وبالطبع علاقة الجوار بها فرحت وهلّلت ووجدتني مرة أخرى أسعى لأكونَ هذا “الوسيط” المحفّز  وهمزةَ وصلٍ بين ماضٍ وحاضر، في استحضار روح عبدالله شحاده على صفحاتٍ من ماضيه الفيحائيّ ومشهديّات زمنه الجميل، يوم أسّس مع ثلّة من الأصدقاء مملكته الثقافيّة، اجتمع فيها الطرابلسي والكوراني والزغرتاوي والبشرّاوي والبتروني، على أرض طرابلس، التقوا وانطلقوا برابطتهم الأدبية، إلى كل الشمال وما يتعدّاه، مُجسِّدين العلاقة الوثيقة، بين طرابلس وسائر الأقضية الشمالية، ولتغدوَ هذه العلاقة معيشًا فكريًّا أدبيًّا يوميًّا! هو القائل:

لبّيكِ يا فيحاءُ كوكبةً

سطعت مُنى في شرقنا الأدنى

من العام 1939 إلى 2023، تكتمل قريباً مئويّة من النضال والنور

وترتفع مداميك أدبيّة عالياً تشهد لها الدنيا….

عدتُ في 2020 بعبد الله شحاده لتعود العلاقة مع طرابلس سيرتَها الأولى! فكانت العودة مظفّرة من خلال “مُنتدى شاعر الكورة الخضراء – عبد الله شحاده الثقافي”، وبالفعاليات الثقافية والأنشطة التي يُنظّمها “المنتدى” من دون توقف!

 ولتكونَ لطرابلس الغَلَبَةُ فيه، حيث تُشكّل الملعب الأثير والأكثر اتّساعًا لهذا المنتدى.

لن أطيل أكثر، فمن أراد المزيد من بوحي وعشقي وقصّتي أن يعلم،هي علاقة مُتجدّدة لم يطوِها الموت، بل تزدادُ رسوخًا مع الأيام! تجدونها تتراقص في عشر صفحات من هذا الكتاب العملاق، الذي أنجزه ونمّقه وزخرفه عملاقٌ جرّوسيّ من وطني.

ولطرابلس أقول:

نزفتُك عطراً وبفجر عينيك توضّأتُ

وبموجِ بحرِك للعشق من بعد أبي 

رتّلتُ

أصلّي من محراب الشعر فيك، وأتبتّلُ

أضرمتُ في قلبي هواكِ

وأبي من قبلي

خمسون عاماً، لا بل عنهُ زدت

شاعر يغسل فيك خطاياه

ويزرع في كل قلب وردُ

***

* أُلقيت  في ندوة  حول كتاب  ” طرابلس في عيون أبنائها والجوار” الصادر حديثا عن جروس برس في مركز مشروع أجيال، كفرحاتا زغرتا  في 17 آذار 2023

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *