“لبنان والهجرة بين الأمس واليوم”

Views: 146

اعداد الدكتور مصطفى الحلوة

في مُقاربة إحدى أهم المعضلات، التي تضع لبنان بمواجهة تحدّياتٍ مصيرية وجودية، نظّم “مركز تموز للدراسات والتكوين على المواطنية”، بالتعاون مع مؤسسة Hans Seidel  الألمانية، ورشة تفكير ونقاش، بعنوان “لبنان والهجرة بين الأمس واليوم “، في القاعة 1188  للمحاضرات جبيل، وذلك على مدى يَومَي 24 و 25 آذار 2023.

استُهلَّت الورشة بجلسةٍ إفتتاحية، مهّدَ لها وأدارها د. مصطفى الحلوة، وتكلَّم فيها على التوالي: رئيس “مركز تموز” د. أدونيس العكره، المسؤول الإقليمي لمؤسسة “هانس زايدل” السيد كريستوف دوفارتس، ومنسقة أعمال الورشة د. سوزان مُنعم. 

 

أعقبت الجلسة الافتتاحية ستُّ جلسات عمل، اتخذت العناوين الآتية: سياسات اللجوء والهجرة في لبنان / القوانين البحرية والهجرة غير الشرعيّة/ دور المغتربين في تطوير القطاع المصرفي وأهمية التحويلات في ظل الأزمات الحالية / دور المغتربين في تطوير القطاع السمعي والبصري وقطاع الصناعات الزراعية/ دور المغتربين في القطاعين الثقافي والتعليمي / الديناميات الديموغرافية في لبنان. وقد داخَلَ في هذه الجلسات عشرة متكلّمين، هم على التوالي: أ. زياد الصائغ، أ. محمد شمس الدين، د. عارف فخري، د. بطرس لبكي، د. سوزان مُنعم، أ. سام لحود، د. رودرياد قازان، د. حسّان العكره، د. مريم حاصباني، والعميد د. علي فاعور. كما كانت مداخلتان، من خارج البرنامج، التزامًا بما تمَّ اعتمادُه في الورشتين السابقتين، قدّمهما: الطالبة في المعهد العالي للدكتوراه كمال شرفان، حول “الدور المتوقع من المغترب اللبناني في الظروف الراهنة”، والخرّيج الجامعي ذو الفقار قطايا، مُستعرضًا تجربته المهنية في المجال الرقمي. إشارة إلى أنّ الجلسات الست ترأّسها على التوالي: د. بلانش أبي عسّاف، د. حنّا الحاج، أ. أمل صانع، د. كلود مرجي، د. خليل خير الله، أ. أمل البطّي. 

 

وإذْ طغى على الحضور طلبة جامعيون، كلهم خرّيجون، أتوا من بيروت ومن الجنوب، فقد اتسمت الورشة بحوار تفاعلي، مما أفضى إلى جلاء بعض المصطلحات والمفاهيم، وإلى التوقّف مليًّا عند بعض المعطيات العائدة لإشكالية الورشة، كما تمّ الخلوص إلى عدد من المقترحات والتوصيات. 

في ختام ورشة العمل، ومن منطلق التأكيد على العيش الوطني الواحد، كانت مشاركة لجميع الحضور في حفل عيد سيدة البشارة، الذي أحيته الطائفة المارونية في جبيل بالشراكة مع الطائفة الإسلامية، حيث كانت تراتيل دينية، مسيحية وإسلامية، في كنيسة مار يوحنا مرقس وفي مسجد السلطان عبد المجيد. كما كانت كلمات ثلاث، حول مريم العذراء في الكتاب المقدّس وفي القرآن الكريم، لسيادة مطران بلاد جبيل للطائفة المارونية ميشال عون، ولفضيلة القاضي الشيخ د. محمد النُقري، ولإمام جبيل للمسلمين سماحة الشيخ غسان اللقيس. 

 

أولاً – في تحديد المفاهيم / المصطلحات 

منعًا للخلط بين المفاهيم / المصطلحات، واستخدامها أحيانًا في غير موضعها، فإنّ من الأهمية بمكان، وبما يخصّ أطروحتنا تحديد بعض المصطلحات / المفاهيم، التي سترِدُ لمرّاتٍ عديدة، وذلك لما يترتَّب على كل مصطلح من تبعات قانونية معيّنة، سواءٌ على مستوى القوانين المحلية أو على مستوى القوانين والشُرع الدولية: 

– الهجرة: هي المغادرة النهائية لفرد من أراضي دولته إلى أراضي دولة أخرى، لأسباب تختلف من شخص إلى آخر، إما بحثًا عن فرصة عمل، أو لتحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي. والهجرة هي عمل قانوني وحق، يمكن للجميع ممارستُهُ، طالما أنّ الشخص المهاجر مُلزمٌ بالقوانين، التي تحدِّدها الدول، لدخول أي شخص أجنبي إليها. 

– المهاجر: هو الشخص الذي يتقدّم بطلب تأشيرة دخول إلى الدولة، التي يقصدها، وتتمّ هذه العملية، من خلال السفارات والقنصليات المتواجدة في البلد الأصل. 

– اللجوء: هو وضع قانوني، طلبًا للحماية، يُمنحُ للشخص الذي غادر وطنه، خوفًا من القتل أو الاضطهاد، أو أي نوع من أنواع التهديد، بسبب مواقفه السياسية أو آرائه الفكرية أو معتقده الديني أو عِرقه، إلخ …

في حالة اللجوء، يُغادر الشخص بلده قسرًا، على عكس المهاجر، الذي يتركه طوعًا أو راضيًا. ولعملية اللجوء آلية تُلتزم، إذْ يتقدّم طالب اللجوء إلى بلدٍ ما، بطلب رسمي. وفي حال قبول الطلب، يتمّ الاعتراف به كلاجئ، ويترتب على ذلك حصوله على الحماية والعمل والرعاية، بجميع أشكالها. وبذا يخضع اللاجئ لمنطوق “اتفاقية جنيف” لحماية اللاجئين للعام 1951. ناهيك عمّا نصّ عليه ” الإعلان العالمي لحقوق الإنسان”.

 

– بين المهاجر واللاجئ: يتلقّى اللاجئ مساعدة مادية ومعنوية، وتوفّر له الدولة الحماية وسُبُل العيش، كما أسلفنا، في حين أن المهاجر لا يتمتّع بهذه الحقوق. وهو يؤدّي سائر التكاليف، من ضرائب ورسوم، بقدر ما يتحمّله المواطنون. 

– النزوح: يتمثّل في انتقال المواطن، في بلد ما، من منطقة إلى أخرى في البلد عينِهِ، لا سيما من الأرياف إلى المدن. وهي ظاهرة تعمُّ بلدان العالم. وللنزوح أسبابٌ مُتعدِّدة، أبرزها: طلبًا لفرص عمل أو للتعليم. والنازح لا يستفيد، بطبيعة الحال، من أي حماية دولية، كما لا يخضع للمعاملة الخاصة باللاجئ.

وعليه، وبلغة القانون، فإن السوري في لبنان ليس نازحًا، كما يُشاع في اللغة المتداولة. بل هو لاجئ، تنطبق عليه الاتفاقيات الدولية الخاصة باللجوء، كما المراسيم والتعاميم الصادرة عن السلطات اللبنانية، في ظل غياب تشريع لبناني، لتنظيم مسألة اللجوء في لبنان. 

 

ثانيًا – معضلة الهجرة / اللجوء والواقع السكاّني المقلق في لبنان/معطيات ورؤى: 

– عرف لبنان، عبر تاريخه الحديث والمعاصر، موجات هجرة قسرية كبيرة، يمكن التمييز بين ست مراحل أساسية: فترة ما بعد الاستقلال حتى بداية الحرب اللبنانية (1951 – 1975) /فترة الحرب اللبنانية بين عامي 1975 و1990 / فترة ما بعد الحرب اللبنانية (1990 – 2005) / فترة ما بعد العدوان الإسرائيلي على لبنان (تموز 2006) / فترة النزوح (اللجوء) السوري، منذ العام 2011، وحتى بداية الأزمة اللبنانية الطاحنة 2019/ فترة الأزمة اللبنانية الاقتصادية والمالية والاجتماعية الأخيرة حتى بداية العام 2023 . 

– بين عامي 1880 و 1930 هاجر إلى أمريكا وحدها 146516 لبنانيًّا. وعشية الحرب العالمية الأولى (1913)، هاجر من جبل لبنان 100757 شخصًا. 

– بين عامي 1970 و 2010، هاجر من لبنان قرابة مليون ونصف المليون لبناني. علمًا أنّ نسبة المهاجرين من مجموع السكان، بحسب الطوائف وسجلاّت النفوس هي على الوجه الآتي: السُنَّة 40 %، الشيعة 37 %، الدروز 30 %، الموارنة 32 %، الأرمن 79 %، الأرثوذكس 55%، الكاثوليك 49 % (المرجع: العميد د. علي فاعور). 

 

– بين عامي 2018 – 2022، بلغ عدد المهاجرين من لبنان 200 ألف، بينهم 68 ألفًا في العام 2021، وتُشكّل الشريحة الشبابية 70 % من هؤلاء المهاجرين. 

– ظاهرة الهجرة البحرية غير الشرعية، تتمّ غالب الأحيان بالتواطؤ مع بعض القوى الأمنية. علمًا أنّ لهذه القوى مخافر ونقاطا عسكرية على طول الشاطئ اللبناني، كما أن لدى قوات “اليونفيل” قدرات عالية على الرصد البحري. وقد بلغت ضحايا “قوارب الموت” 250 ضحية، الذين انطلقوا من الشواطئ اللبنانية، من دون احتساب الضحايا اللبنانيين، الذين انطلقوا عبر تركيا وقبرص.

– لبنان دولة من دون سياسة سُكّانية، وهو البلد الوحيد بين 237 دولة ومقاطعة في العالم، لا يقوم بتعداد سكانه، منذ الاستقلال. علمًا أن لبنان غدا خزّانًا بشريًّا متضخّمًا، فقد القدرة على الاستيعاب. وهو يضم راهنًا ثمانية ملايين ساكن، من لبنانيين وغير لبنانيين. بل إنه غدا، جرّاء الهجرة إليه (السورية تحديدًا) مجرّد مخيّم كبير، بحسب تعبير العميد د. علي فاعور. إشارة إلى أن اللاجئين السوريين باتوا يشكّلون نصف عدد اللبنانيين المقيمين. في حين أن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين تُفيد بأن لديها 825081 (ثمانمائة وخمسة وعشرون ألفًا وواحد وثمانون) فقط! 

– من التحديات الخطيرة، التي يُواجهها لبنان: انخفاض الولادات، وتراجع الزيادة السكانية (مؤشرات حمراء)، واستطرادًا تراجع حجم الأسرة اللبنانية، واختلال التوازن العمري (تزايد أعداد كبار السن وتراجع أعداد صغار السن). إضافة إلى ارتفاع معدّلات العمر (أكبر نسبة معمّرين في المنطقة العربية) … كل أولئك يؤشِّر على انكسارات وخطوط تصدّع في تركيب البنية السكّانية، وليغدو أوّل دولة عربية تدخل مرحلة الشيخوخة. 

 

– على رُغم أنّ لبنان يمرّ في أسوأ أزمة اقتصادية وسياسية شهدها العالم، تستمرّ المنظومة الحاكمة بعملية إنكار متعمّد لمختلف جوانب الحالة الكارثية، التي يعيشها اللبنانيون، حتى بات لبنان، بحسب بيانات “شعبة السُكان” في الأمم المتحدة، الدولة الأولى في العالم، من حيث تناقص عدد السُكّان. 

– في قراءة للخرائط الديمغرافية وتحليل البيانات السُكانية، يمكن الخلوص إلى الآتي: خلال سنوات الحرب الأهلية 1975 – 1990، تصدّعت البنية السكانية، بين موجات الهجرة المغادرة والتهجير السكّاني في الداخل (النزوح)، وتناقص الولادات، مما أحدث تغيُّرات ديموغرافية عميقة. 

– مما يزيد من عوامل القلق، ديموغرافيًا، الازدياد المطّرد في أعداد المسلمين، ويتبدّى ذلك جليًّا في عكار والشمال. وهو ناجمٌ بشكل أساسي، عن ارتفاع الولادات، لدى السُكّان الذين تمّ تجنيسهم في العام 1994. فقد وصل عددهم اليوم إلى أكثر من نصف مليون نسمة. 

– ومما يُفاقم من المخاطر الوجودية، لمعضلة الهجرة اللبنانية وللبنية السُكانية، أنَّ مهاجري الموجة الأخيرة، التي بدأت مع نهاية العام 2019، ولا تزال مستمرة، قد فقدوا إيمانهم ببلدهم، وقد قرّرت غالبيتهم عدم العودة إلى لبنان، إذْ باعوا ممتلكاتهم، وكانت هجرة عائلات بكاملها وليس هجرة أفراد. 

 

– شكّل الأداء السياسي اللبناني اللامسؤول، غير العلمي وغير المحترِف والشعبوي، السبب الرئيس في الفشل الذريع، على مستوى إدارة أزمتي اللجوء الفلسطيني أساسًا، ومن ثمّ اللجوء السوري، منذ العام 2011 وحتى تاريخه. بل لم يتم وضع سياسة عامة لإدارة اللجوء السوري، على غرار ما انتهج الأردن وتركيا، حيث استطاع هذان البلدان الحصول على مساعدات مالية مُجزية من المجتمع الدولي لإدارة هذا الملفّ. 

– تأسيسًا على ما سبق، ليس لدى لبنان سياسة هجرة، بل سياسة تهجير، ولديه سياسة لإدارة التوطين، تحت شعار رفع التوطين. 

– بات واضحًا أنّ هناك خطة ممنهجة، بدعمٍ من المجتمع الدولي، تنفّذها الهيئات الدولية الفاعلة على الأرض، تحت عنوان: ” دمج النازحين”، في التعليم، والصحّة، والعمل ورعاية الأطفال ومختلف مفاصل المجتمع اللبناني، لمساعدتهم ومنعهم من العودة إلى المناطق الآمنة في سوريا، مما سيؤدّي إلى تغيير ديموغرافي كبير، خلال السنوات القادمة. 

– أولوية الدول تشمل إجمالاً الاعتبارات الأمنية، وتمارس الدولة سلطتها القضائية، في مختلف المناطق البحرية، بطريقة تصون سيادتها، والحقوق السيادية الممنوحة لها، بموجب القانون الدولي. 

– اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار أُقرّت في مونتيغو باي (في جامايكا) في 10 كانون أول 1928، وقد وافق لبنان عليها في 7 كانون أول 1984. 

– بروتوكول مكافحة تهريب المهاجرين، عن طريق البرّ والبحر والجوّ، المكمِّل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظّمة، أُدخل حيِّز التنفيذ في العام 2010، وقد التزمه لبنان، بعد الانضمام إليه في 26 أيلول 2002. 

 

ثالثًا- في الهجرة اللبنانية والدور الذي يؤدِّيه المغتربون في تفعيل بعض القطاعات الحيوية : 

إذا كانت الهجرة اللبنانية، منذ انطلاقتها منتصف القرن التاسع عشر، بمنزلة عولمة مبكّرة، كما يرى إليها الباحث السوسيولوجي د. بطرس لبكي، فقد أدّى المغتربون جُملةً من الأدوار، التي تعود بالفائدة على وطنهم الأم، وذلك في عدة قطاعات. وقبل تعرّف هذه الأدوار، لا بدّ من إطلالة عامة سريعة على إيجابيات الهجرة اللبنانية وسلبياتها. 

لقد كان لجيل الآباء من المفكرين، الذين واكبوا استقلال لبنان وقيام الجمهورية الأولى، أن يتوقّفوا عند منعكسات الهجرة، فذهب أبو الصيغة اللبنانية ميشال شيحا إلى القول: “إذا كان لبنان لا يمكنه العيش من دون هجرة، فهو يموتُ من ضخامتها “. 

وفي تبيان ما للهجرة وما عليها، يقول المفكّر شارل مالك: “إنها فخرٌ وعيبٌ ومأساة”: فخرٌ، بما يُحقِّقه ُ المغتربون، وعيبٌ لأن لبنان لم يوفِّر لهم أسباب العيش، ومأساة لأن الهجرة ذات أبعاد إنسانية وروحية”. 

– من حيث إيجابياتها، فهي تُسهم في رفع مستوى مداخيل عموم السكان اللبنانيين / زيادة التدفقات المالية على لبنان / تحسين ميزان المدفوعات الخارجية، عبر التحويلات التي يُرسلها المغتربون، بما يرفد الاقتصاد اللبناني بالعملة الصعبة. وقد تبدّى دورها البنّاء في زمن الأزمات. فعلى سبيل المثال، فإنّ 250 ألف عائلة لبنانية، تصلها تحويلات مالية، في ظل الأزمة غير المسبوقة، التي يُعاني اللبنانيون ويلاتها. وقد بلغت التحويلات للعام 2022 حوالي سبعة مليارات دولار، وهذا ما يُفرمل من اندفاعة هذه الأزمة نحو الارتطام الكبير. 

– من حيث سلبياتها، فهي تُفضي إلى جمود في عدد السكان، بل إلى تناقص، تبدّى جليًّا من خلال الموجات الكثيفة الأخيرة / زيادة معدّلات الإناث إلى مجموع السُكان / زيادة معدّلات العنوسة / خسارة اليد العاملة المؤهّلة والمتخصِّصة / نزف الأدمغة والكفاءات العلمية العالية، التي يُعوَّل عليها لانتشال لبنان من أزماته المستعصية / تعزيز دور الاقتصاد الريعي، وتهميش الاقتصاد المنتج. 

– يتحصّل مما سبق أن الهجرة ليست شرًّا بالمطلق ولا خيرًا بالمطلق، إذْ المهمّ معرفة الإفادة منها، حتى تطغى منعكساتها الإيجابية على منعكساتها السلبية. 

– إن ما نُعايشه اليوم من نقاش حادّ، حول الهجرة واللجوء والنزوح يفتح الباب على مصراعيه، أمام التفكير في صراع الهويّات، كما عبَّر عنه المفكر اللبناني العالمي أمين معلوف، في كتابه المشتهر “الهويّات القاتلة”.

– يتصاعد الكلام على مخططات مرسومة، بما يخصّ اللجوء السوري- وهو بمنزلة هجرة عكسية – يتصاعد حول طروحات الدمج المجتمعي التدريجي، في المجتمعات المضيفة، فباسم الدمج يتم الذهاب في مسار تفريغ مجتمعات وتفتيت مجتمعات وتذويبها. 

 

أ- دور المغتربين في تطوير القطاع المصرفي: لم يكن للمغتربين اللبنانيين دورٌ، يُعتّدُ به، في القطاع المصرفي، إبّان العهدين العثماني والانتدابي. فقط انطلق هذا الدور بعد العام 1943. 

– في عام 1948 استعاد لبنان سيادته النقدية، بانفصال الليرة اللبنانية عن الفرنك الفرنسي. وفي العام 1950، تمَّ الانفصال الاقتصادي والجمركي والنقدي مع الدولة السورية، واعتُمدت الليرة اللبنانية، كعملة وطنية وحيدة، وقد أصبح مصرف سوريا ولبنان مؤسسة إصدار النقد اللبناني، وذلك حتى 1963، إذْ انتقلت هذه الصلاحية إلى مصرف لبنان (المصرف المركزي). 

– في الخمسينيات، أُقِرَّ قانون السريّة المصرفية الذي ساهم، مع بعض الإجراءات، في استقطاب الرساميل اللبنانية للمغتربين، ثم الرساميل العربية إلى لبنان. وقد ساعد على هذا الاستقطاب حصول عدة تغيّرات في المشرق العربي، أهمها: نكبة فلسطين في العام 1948، التي تُرجمت بهرب رساميل فلسطينية إلى لبنان، وُظِّف قسمٌ منها في قطاعات متنوّعة كما كان لسلسلة الانقلابات العسكرية التي شهدتها سوريا، في خمسينيات القرن الماضي وستينيّاتهِ، أن تدفع برساميل سورية ضخمة إلى النظام المصرفي اللبناني. وكذا الأمر بالنسبة إلى الثورة المصرية (1952) التي لجأت إلى التأميم، في عهد الرئيس جمال عبد الناصر. ناهيك عن رساميل عراقية وخليجية، مع الطفرة النفطية التي شهدها الخليج. 

– هذه التطورات، وازدهار الجاليات اللبنانية، في عدة بلدان إفريقية وعربية وأمريكية، أفضت إلى تحويلات مالية مُتنامية، عبر القطاع المصرفي. وقد كان لهذه التحويلات دور مُتعاظم في الاقتصاد اللبناني، لا سيما في الحروب مُتعدِّدة الجنسيات، التي شهدها لبنان على أراضيه بين عامي 1975 و 1990. 

– منذ تسعينيات القرن الماضي، جرى تقليص عدد المصارف، عبر عمليات الدمج، التي شجّعها مصرف لبنان، بهدف تكوين مصارف كبيرة الحجم. وقد جرى بيع عدد من المصارف إلى مالكين آخرين. جرّاء هذا التدبير، تقلّص عدد المصارف التي يملكها مغتربون لبنانيون، كليًّا أو جزئيًّا، من 38 مصرفًا إلى 15، مطلع العام 2019، رغم شراء أو إنشاء مصارف جديدة، من قِبل مغتربين، في هذه الفترة. 

– يمكن اعتبار عدد المصارف التي يملك فيها مغتربون أسهمًا، قد تقلّص بنسبة 60 %، وهذا مؤشِّر على تقلّص دور المغتربين في القطاع المصرفي اللبناني. وبعد الانهيار والسطو على أموال المودعين، من مُقيمين ومغتربين، فقد تقلّص دور المغتربين، في القطاع المصرفي أكثر ما كان عليه في العام 2019. 

 

ب- الهجرة اللبنانية وتداعياتها على المسنين في ظل الوضع الراهن: من خلال دراسة ميدانية، عنوانها “الهجرة وتداعياتها على المسنين في ظل الأزمات المتتالية في لبنان (أجراها فريق مؤلّف من د. غيتا حوراني ود. سوزان مُنعم وأ. محمد مكي في العام 2021، على عيِّنة من 142 أسرة، في سبع محافظات لبنانية”، فقد تم الخلوص إلى عدد من النتائج، نوردُ بعضها: 

– تراوحت أعمار المسنين، في هذه العائلات، بين 65 و74، وهم يشكلون 60 %، وبين الشريحة الباقية، أي ما فوق 75 عامًا، وهم يشكّلون 40% من العائلات المستهدفة. 

– 91 % من المسنين، أمكنهم التغلّب على عواقب الأزمة الاقتصادية/ 51% أمكنهم ادّخار جزء من التحويلات / 35 % استخدموا التحويلات لتلبية احتياجاتهم الأساسية. 

– عن الرفاه النفسي، لدى المسنين، فإن 85 % قالوا لو أنّ أحد أفراد أُسرهم إلى جانبهم لكانوا حظوا بدعم عاطفي/ 88 % رأوا لو أن إلى جانبهم ولدهم المهاجر لكان ذلك سيؤثّر إيجابًا على وضعهم الصحّي/     15,5 % يشعرون بأنهم مُهْمَلون/ 55 %، أولادهم لا يوفرون لهم الاهتمام الكافي/ 45% كانوا على يقين أنهم يحصلون على الرعاية التي يتوقعونها من أولادهم المهاجرين / 20 % أصبحت حياتهم بائسة / 59 % يُعانون من الوحدة، بشكل متكرِّر. 

 – بيّنت الدراسة أنّ هناك علاقة مباشرة بين المشاكل النفسية ونوع الأمراض لدى المسنين، مما جعل هذه المشاكل تؤثِّر على الرفاه الصحي لديهم. علمًا أن المسنين، الذي توفّرت لهم تغطية التأمين الصحي، انخفضت لديهم المشاكل النفسية. 

 

ج- دور المغتربين في تطوير القطاع السمعي البصري في لبنان وقطاع الصناعات الزراعية: 

الصناعة السينمائية اللبنانية شهدت تطوّرًا، منذ خمسينيات القرن الماضي وستينياته، مرورًا بالحرب اللبنانية، وصولاً إلى اليوم. وقد نقلت المشهد اللبناني، بمحاوره الثلاثة: الحرب والسلم والهجرة. علمًا أن الحرب استأثرت بمساحة واسعة لدى السينمائيين اللبنانيين، من مقيمين ومغتربين.

– السينما اللبنانية تسهم في بلورة الهوية الثقافية اللبنانية، وتحفظ ذاكرة المجتمع، كونها تعكس مختلف أبعاد الاجتماع اللبناني، بكلّ ما فيه: ماضيًا وحاضرًا. 

– مع أول تجربة جادّة، كانت هجرة اللبنانيين هي هاجس صُنّاع السينما، هكذا كان للمخرج الراحل جورج نصر أن يأتينا بفيلم “إلى أين”(1956)، وهو يتحدث عن هجرة اللبنانيين إلى الغرب. وقد عُرض هذا الفيلم مرتين في “مهرجان كان”. 

– توزّعت صناعة السينما اللبنانية بين أفلام تجارية وأفلام أفراد. وعن النمط الثاني، فقد كان لمخرجين كبار أن يُبلوا بلاءً حسنًا. ففيلم “سكّر بنات ” لعبت فيه نادين لبكي دورًا أساسيًا، عُرض في مهرجان كان السينمائي، وتم بيعُهُ في ستين دولة. وقد كان للمخرج إيلي داغر أن يحصل على السعفة الذهبية، في مهرجان كان، على فيلمه “موج” (2015). 

كما كان للمخرج العبقري مارون بغدادي أن يطبع المرحلة التي امتدت بين عامي 1975 و1993. 

– تعيش الصناعة السينمائية اللبنانية أزمة، كونها تفتقر إلى عدة مقوِّمات: استديوهات تصوير، شركات إنتاج كبيرة مع رساميل كافية، مهنيين أكثر خبرة. 

– على رُغم هذا الوضع الصعب، فإن ثمة نجاحات، معظمها للبنانيين في الخارج، استطاعوا المنافسة مع كبار المنتجين العالميين، في مهرجانات دولية. 

– هناك بريق أمل التمع منذ أيام، عبر وزارة السياحة، إذْ تُعقد النية على إقامة “مدينة لبنان السينمائية” (Lebanon cinema city)، التي ستكون مجهزةً تجهيزًا عاليًا، إذْ تتضمّن استديوهات تصوير، ومختبرات للإنتاج، ومواقع طبيعية.. بما يمكنها من استضافة الانتاجات الدولية، التي تخدم الاقتصاد اللبناني. 

-الصناعة التلفزيونية قطعت شوطًا مهمًّا، كونها أقلّ كلفة وأجزى مردودًا ماليًا، في حين أن الإنتاج السينمائي مكلف جدًا، لا يستطيع السوق اللبناني المحدود تغطية أكلاف أي فيلم. 

– يتواجد راهنًا عددٌ كبير من السينمائيين اللبنانيين في الخارج، وإنتاجاتهم الناجحة جدًا تُعزِّز من دور لبنان، على الصعيد السينمائي، وهم يُشاركون في أكثر من 30 مهرجان سينمائي في العالم. وإلى ذلك يبرز الدور الفاعل لـِ “مهرجان السينما اللبنانية “، في كل من أستراليا وفرنسا وكندا. وقد كان لترشيح نادين لبكي على الأوسكار (2017) أن يفتح العيون على السينما اللبنانية. 

 

*بما يخصّ دور المغتربين في دعم الصناعات الزراعية، فهناك منتوجان، يتسمان بأصالة وعراقة لبنانية، هما النبيذ والعرق. 

– في لبنان 56 مصنعًا للنبيذ، مما يُسهم برفع حجم الصادرات من النبيذ إلى الأسواق الأوروبية والأميركية. علمًا أن هناك تزايدًا في المساحات المزروعة بالعنب المخصّص لصناعة النبيذ. 

– “مشروع درب النبيذ”، الذي يدخل في إطار السياحة الغذائية، الداخلية والخارجية، سيكون له دور هام، لا سيما في تعزيز التنمية الريفية المتكاملة، التي تشمل الزراعة والإنتاج والصناعة والاقتصاد والاجتماع، بالإضافة إلى خلق فرص عمل في المناطق الريفية وزيادة الدخل.

– استطاع منتوج العرق، وهو صناعة لبنانية مُتفرِّدة، وكذا النبيذ اللبناني الذي بلغ جودة عالية، أن يغزوَا مختلف بلاد العالم، حيث يتواجد مغتربون لبنانيون، وباتت ماركة “صُنع في لبنان” لهذين المنتوجين ذات حضور ورواج قويين. 

 

د- دور المغتربين اللبنانيين في القطاع الثقافي والتعليمي: 

– لبنان شكّل معبرًا ومستقرًّا لجميع الحضارات المتعاقبة، التي عرفها التاريخ القديم، وتشهد على ذلك المعالم الأثرية والأوابد، التي تحفل بها المناطق اللبنانية، لا سيما المدن التاريخية (جبيل، صيدا، صور، طرابلس، بعلبك، إلخ…). وهذه الحضارات تترجَّح بين الأشورية، والفينيقية، واليونانية، والرومانية، والعربية الإسلامية، والبيزنطية، والمملوكية، والعثمانية، مما يجعل لبنان محضًّا طبيعيًا لهذه الحضارات الطاعنة في الزمن.

– هذه المعالم الأثرية، التي يرقى بعضها إلى العصر الحجري، قد تمّ وضع ستة منها على القائمة الرئيسية للتراث العالمي، وهي عنجر وصور وجبيل وبعلبك ووادي قاديشا (1984)، ومؤخّرًا معرض رشيد كرامي الدولي في طرابلس (2023). وُضعت جميعها ضمن الفئة الثقافية. 

– وعن التراث غير المادي، فهو يضم الزجل اللبناني، الذي تم الاعتراف به من قبل الأونسكو، كواحد من الفنون العالمية. 

– تجهد وزارة السياحة، عبر السفارات اللبنانية والبعثات الدبلوماسية في الخارج، كما عبر المغتربين اللبنانيين، في الترويج للسياحة، وذلك بالتركيز على ما للتراثين، المادي وغير المادي، من تميُّز ومن أهمية تاريخية. ويندرج ذلك في إطار السياحة الآثارية الكلاسيكية والسياحة الدينية. وهنا يبرز دور المديرية العامة للمغتربين. 

– كان لعدد كبير من المغتربين اللبنانيين، بما يخصُّ المجال الثقافي، أن يصلوا إلى العالمية، ويرفعوا اسم لبنان عاليًا في أرقى المواقع والمنتديات الثقافية، وتمثيلاً لا حصرًا، الكاتب والروائي أمين معلوف، الذي فاز بجائزة “غونكور (Goncourt)، على روايته “صخرة طانيوس” (1993)، واختير عضوًا في الأكاديمية الفرنسية في العام 2011. 

 

بما يعود إلى دور المغتربين في القطاع التعليمي، فإن دراسة ميدانية، بعنوان: “الحراك الدولي للطلاب اللبنانيين في الخارج”، أجرتها د. مريم حاصباني، بهدف تبيُّن تأثير الأزمة الاقتصادية والمالية على واقع الطلاب اللبنانيين، الذي يتابعون دراستهم في الخارج ، خلصت في ما خلصت، إلى الآتي: 

– ليس لدى لبنان Data متكاملة عن الطلاب، الذين يُتابعون دراساتهم العليا في الخارج، إذْ تُقتصر هذه “الداتا” على أعدادهم، من دون أيّ معلومات تفصيلية عن مُجمل أوضاعهم. وليس من معطيات عمَّن أنهوا دراساتهم وبقوا خارج بلدهم الأم. 

– الاستطلاع الوطني بين عامي 1992 و2007 يُظهر أن 17 % من طلبة الدراسات العليا هم خارج لبنان. وهناك نزعة دفينة، لدى الطلاب اللبنانيين، لمتابعة دراساتهم في الخارج، لا سيما طلاب الاختصاص الطبّي. 

– الأزمة الأخيرة (2019)، شكَّلت دافعًا قويًّا، لدى الطلاب للتوجه إلى خارج لبنان للدراسة. فدوافعهم لم تكن أكاديمية صِرفة، بل كانوا يسعون إلى مستقبل أفضل، حيث تتوفر لهم عند تخرّجهم فُرص عمل مُجزية ماديًّا. 

– عاملٌ آخر، يصبُّ في خيار هجرة الطلاب، يتمثَّل في صعوبة الالتحاق بالفروع التطبيقية في الجامعة اللبنانية، إذْ يتشكَّل لديهم إِقتناع بدور”الواسطة” والمحسوبية والزبائنية، في هذا المجال. ناهيك عن عدم وجود تقنيات عالية في لبنان، تُضاهي ما يتوفّر في الجامعات الأجنبية. 

– من تجلّيات الدراسة في الخارج، تبنِّي الطلبة اللبنانيين منظومة القيم النيوليبرالية، القائمة على الحرية الفردية، والتطلعات الشخصية (الأنانية). وتتكرّس هذه المنظومة لديهم، كهُويَّة وإيديولوجيا. وهذا ما يُعفي النظام الفاسد من مسؤولية تشريدهم. وبما يؤول إلى إعادة إنتاج هذا النظام. 

 

رابعًا – في المقترحات والتوصيات: 

1- يجب على لبنان، بكل مكوِّناته، أن يدرك أن معضلة الهجرة / اللجوء هي أكبر تحدٍّ مصيري وجودي يُواجهه، وهو تحدٍّ غير مسبوق، في تاريخه المعاصر. 

– بمواجهة الخلل والتشوّه في البنية السُكّانية، على لبنان اعتماد سياسة سُكّانية إنقاذية، تضعه تدريجيًّا على سُكّة التعافي، وإلاّ فإن أوضاعه آيلة إلى ما لا تُحمدُ عُقباه، بل إلى تغيير وجه لبنان. 

3- التشديد على مسؤولية الأمم المتحدة، بمختلف أجهزتها وأُطُرها القائمة، في تعاطي قضية اللاجئين السوريين في لبنان (وقبل ذلك قضية اللاجئين الفلسطينيين). فهي المؤتمنة على إنهاء الصراعات والحروب ومعالجة نتائجها الكارثية، وإيجاد تسوية سلمية للأزمة السورية المدمِّرة، التي اندلعت في العام 2011، وأرخت بثقلها على لبنان. 

4- على لبنان انتهاج دبلوماسية فاعلة، تُجاه أزمة اللجوء السوري، فتكون مُقاربة لمسبِّبات هذه الأزمة، بعيدًا عن الاسترسال في رفع منسوب التوتّر، حول نتائجها الكارثية، بما يخصّ اللاجئين والمجتمعات المضيفة، على حدّ سواء. 

5- في مُتابعة حركة الدخول والخروج، وفي غياب سياسة سُكّانية واضحة للتعامل مع اللاجئين السوريين، يجب على السلطة اللبنانية أن تُنفِّذ ما طلبه مجلس الأمن الدولي في العام 2013، حول إنشاء مؤسسات فاعلة لإدارة ملف اللجوء ومواجهة تداعياته. 

6- يجب على الأمم المتحدة إعادة النظر في قانون البحار الدولي (1994)، لملاءمة تحدّيات الهجرة الجماعية، عن طريق البحر.

7- في مواجهة الخلل الديموغرافي وازدياد مخاطر النزوح (اللجوء) السوري على لبنان، ينبغي تحفيز النازحين (اللاجئين) على العودة الآمنة والكريمة إلى بلادهم. 

8- يجب التنبُّه، بل مُحاذرة ما يُحضَّر للبنان في “المطابخ” الدولية، تحت شعار دمج اللاجئين، في المجتمع اللبناني، الذي سيؤول حتمًا إلى التوطين، بما يعني إنهاء لبنان، صيغةً ودورًا حضاريين في هذا الشرق. 

9- لا حلَّ ناجزًا لمعضلة الهجرة / اللجوء إلاّ بإصلاح سياسي جذري، تتنكَّبُهُ طبقة سياسية بديلة من منظومة الفساد والإفساد، التي وضعت لبنان على شفا إنهيار، في جميع المجالات. 

10- إطِّراح النظرة النفعية إلى المغتربين، كمصدرٍ مُدِرٍّ للتحويلات المالية فحسب، لا سيما وقت الأزمات. بل يجب تعاطي الاغتراب اللبناني كداعمٍ لقضايا لبنان، في مختلف المحافل الدولية، منظورًا إلى ما يمتلك من حضورٍ قوي، على مستوى أصحاب القرار الدوليين. 

11- يجب تفعيل دور” المؤسسة الوطنية للاستخدام”، المولجة بتوفير فرص عمل لليد العاملة اللبنانية. فقد أُنشئت في العام 1977، وتمّ تعطيل دورها. علمًا أن دورها ليس إعطاء تأشيرة لأي عامل أجنبي، بوجود اليد العاملة اللبنانية. 

12- ثمة حاجة إلى مزيد من التحويلات المالية لتوفير الرعاية الأُسرية للمسنين، من قبل أبنائهم أو أقاربهم المهاجرين، لا سيما في هذه الظروف الصعبة، التي يعيشها لبنان، حيث مؤسسات الرعاية الاجتماعية، من رسمية وخاصة، في حالة شلل تام. 

13 – التعويل على دور السفارات والبعثات الدبلوماسية والقنصليات اللبنانية في الخارج، بتسويق المنتجات الزراعية (الزراعة التحويلية)، لاسيما النبيذ، والتعويل على دور الجاليات اللبنانية لتكثيف جهودها في هذا المجال، لما يُشكل ذلك من دعم للاقتصاد اللبناني. ولا بُدَّ من السعي إلى إدخال ماركة “صُنع في لبنان” في السيكولوجيا الجماعية العالمية. 

14- على رُغم توقيع لبنان لاتفاقية الأونسكو للعام 2007، فهو بحاجة ماسَّة إلى سياسة ثقافية قطاعية لحماية التراث الثقافي غير المادي، وعلى سبيل المثال: الفولكلور اللبناني، الملابس التراثية، بعض العادات والتقاليد في الأرياف إلخ … 

15- يجب استحداث مديرية عامة، تابعة لإحدى الوزارات (السياحة/ الثقافة)، لنشر الثقافة اللبنانية، مُتعدِّدة الأوجه، في الخارج. 

16- دعوة الحكومة اللبنانية إلى إبرام اتفاقيات مع الأسواق الواسعة للعالم العربي، وتحديدًا مصر (تعدادها السكاني 105 ملايين) لترويج صناعة السينما اللبنانية، ذلك أن لبنان لا يُشكِّل سوقًا ماليًا كافيًا للنهوض بالسينما اللبنانية. 

17- حثّ الحكومة، لا سيما وزارة السياحة، على التعجيل في إنشاء “مدينة لبنان السينمائية” (Lebanon cinema city)، التي ستشمل استديوهات تصوير ومختبرات للإنتاج ومواقع طبيعية، ومواقع خارجية، كي تستضيف مختلف أنواع التصوير التلفزيوني والسينمائي. كما يجب التعجيل أيضًا، كخطوة أولى، في إطلاق مسابقة، يُشارك فيها طلاب الهندسة المعمارية، من مختلف جامعات لبنان، لاختيار أفضل تصميم هندسي لهذا الصرح السينمائي الواعد. 

18 – الإفادة من مشروع “لبنان بلد صديق للسينما”، وعلى أن يجري تعميمُهُ في كل مناطق لبنان، فتكون له فروع.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *