نسائم الرّيح

Views: 386

د. جان توما

حين تغفو البيوتُ على كتفِ وادٍ، وتسدلُ على قرميدِها شالًا من غيوم، يستحي الضبابُ من انكشافِ براءةِ التلالِ والهضابِ، فيتوهُ في الجلولِ المجاورةِ، يلاعبُ خريرَ ساقيةٍ، ويفرحُ بعصفورةِ الشجن.

ترتاحُ القريةُ على “الشير”، تتأوّهُ على كتفِ وادٍ كما الرّيحُ تجري في أفئدةِ عناقيدِ العنبِ، وعلى وجناتِ تفاحِ جلِّ الجردِ، ولا تقوى على كبوشِ التوتِ  الهانئةِ المرتاحةِ على السورِ العتيقِ الذي يغتسلُ صبيحةَ كلِّ يومِ، بعرقِ جباهِ الفلاحينَ وشيطنةِ الولادِ السمر.

تربِّتُ قممُ الجبالِ على كتفِ السماء، يذكِّرُها بتخزينِ المطرِ قبلَ قدومِ أيلول، فترابُها جاهزٌ بعدَ الحراثةِ لألفِ قارورةِ مطرٍ مباركٍ، لتعيدَ الحياةُ إنتاجَ الحياةِ، في هذا العرزالِ المنسيِّ خارجَ الزمن، كأنَّهُ قصيدةٌ لم يضمّها ديوانٌ، ولم تحملها عرائشُ الكرومِ، وعرائسُ المروجِ.

***

 *الصورة: لقرى سبعل وطورزا والمحيط من إهدن

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *