غياب الأب والباحث سهيل قاشا وهاجس تاريخ العراق وحضارته

Views: 719

سليمان بختي

  غيب الموت في أحد مستشفيات بيروت الأب الباحث والمؤرخ سهيل قاشا (1942-2022) تاركًا العديد من المؤلفات التي تجاوزت الـ 77 حول تاريخ الموصل والعراق والحضارات البابلية والسومرية وأساطير وأديان الشرق. وتاركًا أيضا الصداقات التي عقدها في لبنان مع أهل الثقافة والكلمة هو الذي عاش في لبنان لأكثر من ثلاثة عقود وأحبه حبا جما وكتب عنه “القيثارة النارية” (1994).

ولد سهيل بن بطرس بن متى قاشا في قرية بخديدا.

تلقى دروسه الأولى في المدرسة الحمدانية ثم انتقل إلى الموصل متابعا في مدرسة أم الربيعين ثم تخرج من المدرسة الإعدادية الشرقية.

 دخل دار المعلمين وتخرج منها عام 1961 معلما في مدرسة كورك والمسنتطق. ثم مدرسة غرناطة في تلعفر. ثم نقل عام 1968 إلى المدرسة السلامية ومنها إلى المدرسة الطاهرة في الموصل.

التحق بجامعة الموصل دارسا للتاريخ ثم سيم كاهنا على السريان الكاثوليك في دير الشرفة حريصا – درعون1997. وأصبح لاحقا رئيس الإكليريكية الكبرى للسريان. وعمل أستاذا لمادة الإسلاميات والحوار الإسلامي المسيحي في معهد القديس بولس للفلسفة واللاهوت وجامعة الحكمة وجامعة الحضارة الإسلامية المفتوحة.

 كانت أول مؤلفاته كتاب “أنت من أنت” ويشتمل على اسئلة في القضايا اللاهوتية وتأملات فلسفية في العلاقة بين الإنسان والإله. ومن أبرز كتبه “بابل والتوراة” 2011.

 كما اهتم بالكتابة عن تاريخ مدينة الموصل في عناوين مثل “الموصل في القرن 19″ و”الموصل في مذكرات الرحالين العرب والأجانب” و “الموصل في العهد الجليلي” و”لمحات عن تاريخ نصارى العراق” و”تاريخ الفكر في العراق” و”المرأة في شريعة حمورابي” و”السريان تاريخ وحضارة” و”الصهيونية تحرف الإنجيل” و”المسيحيون في العهد الأموي” و”المعتزلة في الفكر الإسلامي الحر” و”رؤية جديدة في المعتزلة”.

 وكتب كذلك الأعمال الأدبية والمسرحية “الميلاد” و”الجلجلة” و”ماربهنام” و”يوسف الصديق”. وله روايتان “الكاهن المجهول” و” كشف القناع عن الفضائح”.

 ولكن ثمة كتاب له أثار ضجة بسبب نسخه  له وهو كتاب “حديقة الحواس” لعبده وازن  وبعد أن حذف منه الفقرات المتعلقة بالجسد والجنس ونال عليه جائزة “نعمان”.

كان الأب سهيل قاشا يفاخر دائما بأن أغنى بلد في المنطقة هو العراق وفيه ست حضارات قديمة ، وفيه نصف مليون موقع أثري وحضاري وتاريخي. وكان يطرح دائما الأفكار المؤسسة بطريقة لافتة.

أخبرني غير مرة أن لديه مخطوطة حول النبي محمد في أوراق السريان، وأنه يعمل على كتاب حول الوجوه المثقفة التي التقاها في لبنان.

كان يمر أسبوعيا (كل خميس) على ثلاث أو اربع دور نشر في الحمراء- رأس بيروت ( أبعاد والفرات والبيروني ونلسن) وكان يعرف كيف يروي التاريخ القديم كحكاية معاصرة.

 يتذكر بيته في الموصل ويقول: لم نكن نعرف جارنا في الباب المقابل ما هو دينه. كان يهمنا البلد، والبلد هو العراق. كان الأب قاشا يدعو المسيحيين الشرقيين الى التجذر في الأرض، وإلى النهل من  ينابيع التراث فيتجدد وجه الأرض.

سنفتقد الى الأب قاشا في ثوبه الكهنوتي وحقيبته الجلدية السوداء مرحبا ومبتسما كأنه يلقى في من يلقاه شيئًا من نور المحبة، واليد الممدودة دوما إلى الحوار والتلاقي.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *