كتاب “مسار الليبراليّة في الولايات المتحدة الأميركيّة ” للدكتور حسين كنعان… دعوة فكريّة حقوقيّة سقراطية 

Views: 368

سليمان بختي 

يميز الدكتور حسين كنعان في كتابه ” مسار الليبرالية في الولايات المتحدة الأميركية ” (الصادر عن دار نلسن في 256 صفحة) بين المبدأ والممارسة. وكيف انحدر مسار الليبرالية في الولايات المتحدة في الممارسة والتطبيق نحو الاحتكار والهيمنة والعنصرية والتهرب ممن الضرائب والفساد.

ويذكر أيضا كيف ” كان الأميركيون يضعون كل شيء جيد بالليبرالية… كونها الثقافة السياسية الأحسن والأفضل”.

ويعود في تأصيله للمفهوم   إلى طروحات الفيلسوف الإنكليزي جون لوك (1632-1704) وهذه الطروحات ترتبط دائما بحرية الإنسان وحقوقه وكرامته كإنسان. ومن اجل تحقيق ذلك لا بد من توفر مبادئ الحرية والعدالة وسيادة القانون. تنهض الأمم الحضارية على ركيزتين أساسيتين : تطبيق القانون العادل والمحاسبة السياسية في إطار نظام سياسي ديمقراطي ليبرالي حر. وبقدر ما تتطور الأمة بقدر ما يكون الأمر على مساره الصحيح.

 يتمحور كتاب الدكتور حسين كنعان على هذه الفكرة الأساسية ويشكل دراسة مرجعية وافية وعميقة. وهدفها التأكيد على أن الفكر الليبرالي هو المحرك والرقيب لدافع عملية الديمقراطية قدما وتحقيق الحرية والمساواة والعدالة.

منذ إعلان إستقلال الولايات المتحدة الأميركية في 4 تموز 1776 وضع  المدماك  الأول لليبرالية في الولايات المتحدة الأميركية واتضحت مفاهيمها المرتكزة على الحرية الفردية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.

د. حسين كنعان

 

ورغم تعرض هذه الليبرالية إلى تشوهات بفعل الممارسات العنصرية إلا أنها أفضت بالنهاية إلى وصول باراك أوباما الزنجي الذي عانى من عدم المساواة  والتمييز العنصري إلى سدة رئاسة الولايات المتحدة الأميركية.

يتناول د. حسين كنعان بالوقائع والتحليل والدراسة المتعمقة الليبرالية بمفاهيمها العقلانية والإنسانية والاجتماعية مبرهنا ان تطبيقها يتم عن وعي سياسي اجتماعي عند المواطنين وأولى معانيها حرية المعتقد والتعبير واحترام حقوق الإنسان وتحريره من العبودية والاستعباد ودور المؤسسات في سن القوانين وتطبيقها بشكل عادل. 

يتوقف د. حسين كنعان في كتابه عند الدور الذي استطاعه  أوباما بحركته وأسلوبه وعبقريته لكسر الجدار العملاق ليكون الرئيس الرابع والأربعين للولايات المتحدة.

يبحث كنعان في قناعات أوباما حول الليبرالية المعاصرة وبأنها يجب أن تكون العقيدة الإنسانية في النظام السياسي والاقتصادي في العالم المتحضر. وأن الدولة يجب أن تكون المحرك والرقيب و المبلور  لتحقيق النظام الاقتصادي الحر القائم على مبادئ الحرية والمساواة والعدالة.

ثمة سؤالان يطرحهما د. كنعان الأول: هو كيف نعيد مسار الليبرالية في العالم نحو خدمة الإنسان ونحو الحرية والعدالة؟ وهل تسمح ظروف النطام الدولي والصراعات الدائرة في العالم ومعه الفلتان الاقتصادي والمالي بتصحيح هذه الوقائع؟ والسؤال الثاني: هل من مسار لليبرالية في المجتمعات العربية؟

والحال، انه في كل ما سمي بالربيع العربي سيطر الهروب من الواقع بدل محاولة معالجة الآفات والمشاكل التي أدت إلى الانتفاضات التي لم تصل إلى أهدافها. وبدل أن تكون الساحة مسرحا للمناداة بالحرية والعدالة والمساواة وتحقيقها أصبحت بؤرة للتزمت والسلفية والغيبية. من هنا دعوته المجتمعات العربية إلى:

1-الوعي والتنبه والتركيز على مبادئ بناء الذات القومية الديمقراطية الصحيحة القائمة على احترام حقوق الإنسان.

2- العمل على خلق مفاهيم ليبرالية في حال أرادت التحرر من قيود التخلف وبناء مجتمعاتها والسير على دروب الدولة الحديثة.

3- مخاطبة العالم بالمنطق والعقل وفهم الواقع وتركيبة النظام الدولي الجديد. 

ينهي الدكتور حسين كنعان كتابه مستلهما دعوة سقراط ” أعرف نفسك” أي أن يعرف الإنسان نفسه هو استدراك ومعرفة ما يجري حوله، على الأمم والمجتمعات  أن تتعرف إلى ذاتها لتدرك ضمن أي نظام دولي تعيش، والدور الذي تستطيع ان تؤديه بموضوعية وعقلانية في خدمة هذه المجتمعات وتطويرها.  

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *